ماجدة السويِّح
فتاة أمريكية تبرعت بجزء من وقتها ليلة ارتكاب المجزرة الوحشية على أهالي حلب لعرض المأساة بكل تفاصيلها أمام كاميرات منزل السفير الروسي في واشنطن، لم تجد سوى تلك المبادرة للفت أنظار السفير للمعاناة الإنسانية لمئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ المحاصرين في منطقة جغرافية ضيقة، من قبل قوات النظام السوري والروسي، وبعض المرتزقة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية...
من موقع الحدث يخاطر بعض الصحفيين الغربيين في نقل الصورة والحدث على الهواء مباشرة، لرصد جرائم الحرب التي ترتكب ضد المستضعفين، وحث المجتمع الدولي للوقوف في وجه الطغيان والعنجهية السورية باسم النظام..
«إنجلينا جولي» لطالما وظّفت نجوميتها في خدمة ضحايا الحروب، واللاجئين من كل مكان خصوصاً السوريين، وعلى خطاها تضامنت «كلوي كارداشيان» مع ضحايا مأساة حلب من خلال حسابها على انستقرام إيماناً بدورها الإنساني في خدمة الإنسانية.
وعلى الجانب الآخر باركت بكل وقاحة فنانة مصرية انتصار النظام السوري، وعودة حلب دون خجل أو اكتراث بمقتل الأبرياء والوقوف مع المعتدي الظالم.. في تبرير سخيف خرجت السيدة «شاهين» على جمهورها تنعق بالنصر والتهليل لعملية القتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ التي نفذها النظام الوحشي، دون إحساس بالذنب أو المسؤولية الاجتماعية تجاه الإنسانية، التي تتطلب منها في أسوأ الظروف أن تصمت وتمسك عن شهوة الكلام الذي لا يغني، بل يسمن الجماهير ضد تلك الكذبة المسماة «إلهام»، التي تابعتها لعقود دون اكتشاف حقيقتها المتوحشة في دعم وتبرير سفك دماء الأبرياء.
حينما تجاوزتها الشهرة بفعل الزمن نعقت «الشاهين» بالغثاء علّ وعسى أن يعيد لها النعيق شيئاً من البريق المتواري في عالم الفن، فالتخلّي عن إنسانيتك وإحساسك بمعاناة الآخرين بات أقصر الطرق لإعادة الوهج والشهرة المتراجعة، في الواقع هذا ما سعت إليه «شاهين» في تصريحها المستفز للإنسان وكل من يحمل قلباً سوياً ضد الظلم والطغيان..
الأزمة السورية كشفت عن فنانين دافعوا عن الإنسان وفضّلوا السجن أو الهجرة لوقوفهم مع الحق في تحد للظلم ونصرة لإخوانهم السوريين، كأمثال مكسيم خليل، يارا صبري، مي سكاف، وفارس الحلو الذي هجر موطنه ورفض المشاركة بأي عمل فني مع فناني النظام خارج موطنه «لن أظهر في مشهد واحد مع السفلة».
كما كشفت الأزمة السورية عن الوجه القبيح للفن وللرسالة المفرغة من الإنسانية والإحساس بالآخرين لتبرير جرائم النظام السوري ضد الشعب الأعزل كـ»غوار الطوشه» سفير النوايا السيئة، «رغده»، و»سلاف فواخرجي»، حينما ضحوا بضمائرهم وإنسانيتهم، لدعم وتبرير القتل والتهجير للأبرياء في سبيل الدفاع عن النظام السوري المجرم..
بالطبع سيذكر التاريخ المنتفعين، الذين تجرّدوا من المشاعر الإنسانية والمسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعاتهم، وكف يد المساندة والعون للمحتاجين، ويفضح التاريخ صنيعهم في قوائم العار ملخصاً حياة الخونة «كان نجماً فهوى».