فهد بن جليد
هل تعلمون أننا عندما نُربي أولادنا، مُلزمون بالتعامل مع (الخلايا العصبية) داخل أدمغتهم؟!.
يجب فهم هذه المسألة بشكل مُبسط بعيداً عن التعقيدات العلمية، حتى نجوِّد من طرق تربيتنا، هذه الخلايا تحتاج تعاملا قريبا وصادقا لتنتج لك التربية الصحيحة التي تأملها، والسلوك والتصرفات التي تنتظرها، عليك أن تكون صريحاً ومُباشراً وغير مُتذاكي مع تلك الخلايا التي تحتاج (قدوة) يُطبق ما يقول، ولا يعطيها أوامر (مثالية) ويفعل خلافها واقعياً، فلا حساب للمُجاملات هنا، عندما نكذب على هذه الخلايا فإنها تكذب علينا بالمُقابل؟!.
يُقدر عدد الخلايا العصبية في مخ كل واحد منا بنحو (مليار خلية عصبية) مُتشابكة مع بعضها البعض داخل الدماغ، وبطريقة مُعقدة جداً لم يستطع العلم حتى الآن وضع خارطة نهائية لها، رغم أن الأبحاث العلمية المُتقدمة تؤكد مسؤولية هذه الشبكات الدماغية عن استقبال المعلومات (ما تراه، ما تسمعه، ما تشاهده، ما تشعر به، ما تتذكره ..إلخ)، وتوجيه الأوامر المناسبة لبقية أعضاء الجسم بعد تحليل تلك المعلومات، بدءاً من تنظيم (دقات القلب) وطرق التنفس للبقاء على قيد الحياة، وحتى تعابير وتقاسيم الوجه وردة الفعل، والمفردات والعبارات التي تطلقها أثناء الحوار أو النقاش، مما يعني في نهاية المطاف تكوين (شخصيتك) التي نراها أمامنا !.
من نعم الله على الإنسان أن العلماء اكتشفوا أن هذه الخلايا في المخ (مرنة) يُمكن تعديلها، والتأثير عليها وتجوِّيدها في (بداية العمر) أي أنها قابلة للتعلم، والخطر الذي نواجهه اليوم في عصر السرعة والتكنولوجيا، أننا نربي أولادنا (خارجياً) فقط، دون ملامسة دواخلهم، أو تحفيِّز مشاعرهم، كما كان يحدث في التربية الكلاسيكية في عصور سابقة، عندما كان الأب يُشبع (نهم، وتساؤلات) الابن، ويكون قريبا منه طوال الوقت، وفي كل المنعطفات الهامة في حياته - بشكل فطري - دون أن يعلم أنه يتعامل ويُربي الخلايا العصبية داخل دماغ الصغير، وهو ما أظهر نماذج مُشرفة نتيجة الإخلاص والصدق في التعامل ..إلخ !.
انظر إلى حياتنا العصرية؟ الأب ينصح ابنه بعدم الكذب، وهو يكذب، يمنعه من التدخين وهو يدخن .. وهكذا، حتى أن معظم تصرفاتنا أمام أبنائنا (غير حقيقية) يُغلفها التحايل، وتكسوها المُجاملات الكاذبة، أجهزة التفكير والسلوك في جسم الصغار غير قادرة على استيعاب ما يجري؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.