محمد أبا الخيل
منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم في المملكة العربية السعودية في (3 /4 /1436هـ) تفضل رعاه الله بالحديث للمواطنين ثلاث مرات حديثا مسهبا بالغ المضامين والكلمات، يعبرعن السياسة العامة للدولة في جميع مظاهرها السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية، كان حديثه الأول يوم الثلاثاء (20/5/ 1436هـ) خلال استقبال حافل ضم الأمراء والمشائخ والوزراء وأعضاء مجلس الشورى وحشد من كبار موظفي الدولة. والحديث الثاني كان يوم الأربعاء (12 /3 /1437هـ) وكان في صورة خطاب وزع على أعضاء مجلس الشورى في افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة. والخطاب الثالث كان يوم الأربعاء (15/3/ 1438هـ) خلال افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى. أحداث جليلة وتغيرات كبيرة حدثت خلال الفترة بين الخطاب الأولى والخطاب الثالث، انطلاق عمليات عاصفة الحزم، تعديل هيكلي في مؤسسات مجلس الوزراء وتأسيس مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، هبوط متسارع لأسعار النفط، إعلان رؤية المملكة (2030) و مشروع التحول الوطني، تزايد التغول الإيراني في العراق والشام واليمن وحرق سفارة المملكة في طهران و قنصليتها في مشهد، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
بقراءة كلمات خادم الحرمين الشريفين الثلاث وفي ظل تلك الظروف التي تمثل تحديات وفرص يلاحظ ثبات التوجه الاستراتيجي لمسيرة الحكم في المملكة العربية السعودية من خلال نصوصها ويلاحظ عزمه حفظه على الالتزام بالمرتكزات الأساسية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله والتي تقوم على:
1 -تحكيم الشريعة الإسلامية والالتزام بثوابتها وحفظ مقدساتها ورعايتها.
2 -الالتزام ببناء قوة دفاعية وأمنية تحمي مقدسات الوطن ومواطنيه ومصالحه.
3 -العمل على تحقيق تنمية مستدامة تجعل شعب المملكة يتمتع برخاء معيشي ويكون اقتصاد المملكة بين أعظم اقتصاديات العالم.
4 -العمل على توطيد علاقات المحبة والتعاون مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول العالمية الصديقة ودعم التعاون الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ورابطة العالم الإسلامي.
لذا اشتملت كل خطاباته الثلاثة على بيان الالتزام بهذه المرتكزات، وأوضح حفظه الله مضامين تفصيلية تمثلت في العزم على بذر الشفافية ومكافحة الفساد في أعمال الدولة بحيث تصبح أكثر ما يميز بيئة العمل الحكومي، والعزم على زيادة فاعلية أجهزة الدولة بصورة عامة، تلك التي تقدم خدمات مباشرة للمواطن بصفة خاصة، فقد أكد حفظه الله على هذا الجانب منذ خطابه الأول ونص عليه في كل خطاباته، كما بين حفظه الله وفي صورة مصارحة رائعة بين الملك وشعبه أن الدولة وهي تمر في ظروف هبوط أسعار النفط أقدمت على إجراءات مؤلمة ومؤقتة لمواجهة التزامتها تجاه التنمية المستدامة والتوجه الاستراتيجي نحو تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على موارد النفط.
في كل خطابات خادم الحرمين الشريفين هناك التزام وعزم على تأمين حياة رخاء وازدهار للمواطن السعودي، لذا أوضح حفظه الله الالتزام بتطوير القطاع الصحي والسعي لخصخصته كلياً في المستقبل ليدار على أسس تجارية تضمن تنافسية نوعية وتحد من التكاليف وتحد من الهدر في المال العام، كما بين حفظه الله التزام الدولة بتطوير التعليم و التدريب والاستمرار في بناء القدرات الوطنية، حتى تتولى البناء الحضاري و الاقتصادي للوطن، و لم يغفل حفظه عن التأكيد على سعي الدولة لحل مشكلة السكن وعملها على تنظيم عمليات الإقراض العقاري ودعم التطوير السكني من خلال صندوق التنمية العقاري والبنوك التجارية.
الحديث عن خطاب الملك حديث ممتع وجالب لكثير من الأفكار والآمال، ولكن هذا المقال يضيق عن ذلك لمحدوية المجال، لذا سأختم بالدعاء أن يحفظ الله خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز راعيا قائداً مظفراً موفقا في كل منهج ونهج، وأن يشد أزره بالعضيدين المحمدين ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إنه مجيب قريب.