فهد بن جليد
استيقظ المواطنون في صنعاء ذات نهار من شهر يوليو عام 2013م ليتفاجؤوا بلوحة (قماشية) كُتب فيها الاعتذار التالي (رهف أنا آسف.. عادل)، لا أحد يعرف من تكون رهف؟ ولا من هو عادل؟ ولكن المارة تعاطفوا مع القضية وقاموا بتصوير اللوحة، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت قضية (رأي عام) كل يُدلي فيها بدلوه؟!
برامج التلفزيون باتت تناقش قضية (رهف وعادل) وأسباب الخلاف بينهما؟ وكيف يمكن رأب الصدع؟ المغرّدون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أطلقوا هاشتاقات تُطالب (رهف) بالتعقّل، والصفح عن عادل، حتى وصل الأمر إلى التهديد بإطلاق مسيرات شعبية تحت شعار (كُلّنا رهف)، انتهت القضية دون الكشف عن شخصية أو حقيقة عادل أو رهف، ولكن الناس كانوا في حاجة للتعلّق بأحداث وتفاصيل (قصة رومانسية) محلية، ينسجون حولها أحلامهم، لعلها تُسلِّيهم عن بعض هموم الواقع اليومية..!
تذكّرتُ هذا الأمر وأنا أقرأ قصة شاب في المدينة المنورة علّق لوحة إعلانات كبيرة تحوي اعتذار لفتاة أمام بوابة (كلية البنات) يقول فيها (أعاهدك أمام الله وأمام الكل ما أزعلك تاني يا.. سامحيني) طبعاً تمت إزالة اللوحة، ولكنها انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيّد ورافض لمثل هذا التصرف، علماً بأنه لم يتم تحديد من تكون الفتاة: زوجته؟ خطيبته؟ ولكن من باب الاحتياط - ربما لعدم دفع الرسوم البلدية - تمت الإزالة؟!
مثل هذه (الرومانسيات) تُحدث عادةً ضجة إعلامية في كل دول العالم وتعاطفاً في مُختلف الثقافات، حتى أولئك الرافضين بيننا لمثل هذا التصرف، ومن يضعونه في خانة (غير بريئة)؟ هم بداخلهم تواقون (للأسف والاعتذار) كأسلوب للتعبير وإيصال المشاعر، أحد الشبان في القاهرة علَّق على باب بيت خطيبته لوحة إعلانات رومانسية تقول (بالأمس كُنتِ حلمي، واليوم خطيبتي، وغداً زوجتي، وفي كل الأوقات أنتِ حبيبتي) وباتت مثل هذه اللوحة حُلماً للعرسان..!
لعلكم تذكرون قصة (مجنون حنان) عندما استجاب الفنان فايز المالكي لنداء شاب وجّه له (مقطع فيديو) إنشادياً طريفاً يطلب فيه التدخل عند عمه من أجل تزويجه وموافقة عمه على الارتباط بابنته..!
يبدو أن فهم تطوُّر وتغير تفكير شبابنا، وأساليب التعبير لديهم لم يعد خياراً، فإذا لم نتفاعل معهم على طريقة (كُلنا آسفين يا رهف)، فسيكون من الصعب رفض مشاعرهم، أو مُصادرتها بالسخرية منها..؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.