هدى بنت فهد المعجل
لأي شيء تهدف المرأة، عندما تروج مقاطع العنف في قروبات الواتس، أو أي حساب تواصل إليكتروني آخر!!؟.
ماذا تريد أن تقول من خلال ترويجها تلك المقاطع أو نشرها!!؟..
قبل أيام، (كعادتي أحيانًا)، جلست أتصفح قروب واتس موجودة به، حيث إنني لا أتابع ما يرد في هذا القروب أولاً بأول؛ لكثرة الذي يوضع فيه ويكتب. بل إنني كثيراً ما أحذف الموجود دون تصفحه إطلاقًا. هذه المرة أردت تصفح الصور ومقاطع الفيديو فقط، كان ضمنها مقطع فيديو لشابين تعاركا حتى صرع أحدهما الآخر بضربة عنيفة على الرأس أراقت دم وجهه، وجعلته يرتجف ارتجاف تشنج نال من جميع أطرافه يديه وقدميه. مقطع متعب، متعب للغاية، انتهى بي إلى أعصاب توترت، ونفسية تأزمت، ومزاج انغلق!!. لماذا خصصت المرأة بتعجبي في الترويج لمشاهد العنف!؟. لأن المرأة بطبيعتها رقيقة، لطيفة، مسالمة، حنونة لا تحتمل الشدة اللفظية، ما بالك بالعنف الجسدي الدموي!!.
التصرف نرفضه من الذكور شيباً وشباناً، لكن رفضه من الإناث أشد وأكثر إصراراً على رفضنا له، لماذا!!؟؟.
لأن كثرة مشاهدة مشاهد العنف في البدء ستؤثر في المشاهد، فإذا اعتاد عليها لن يراها بنفس الفظاعة التي هي عليه في حقيقة الأمر، وقد يسلك مسلك هذه المشاهد مستقبلاً، متبعاً لها، حيث ساقت لنا الأخبار شيئا من هذا القبيل في قضية الطالب الكوري الجنوبي والذي يسمى بـ (شو سونج هيو)، عندما قام بقتل 32 طالباً وأستاذاً، اتضح فيما بعد وبعد دراسات اجتماعية ونفسية أن هذا الطالب كان يعاني من بعض الصعوبات في شخصيته، ولكن الأهم من ذلك كان يشاهد أحد الأفلام الكورية الجنوبية، وهذا الفيلم فاز بجائزة في منافسة للأفلام أجريت في سنة 2004، هذا الشاب أخذ من هذا الفيلم الكثير وتمثل به، حتى في طريقة قتله للناس!.
بل إن مشاهد العنف تورث المشاهد ما يسمى بالتشبع من هذا العنف الذي ملّ من سماعه ومشاهدته باستمرار، وأصبح لديه لا مبالاة بما يشاهد وما يسمع، حيث بينت الدراسات أن حساسية المُشاهدين لمشاهد العنف تؤدي إلى نوع من اللامبالاة إذا ما شاهدوا عرض حدث دام يقع أمامهم، وقد حدث أن تعرضت امرأة للقتل أمام مرأى 37 شخصاً دون أن يحركوا ساكناً أو يقدموا شيئاً لمساعدتها، وكأن ما يحدث أمامهم دراما تلفزيونية، وقد لاحظت ذلك في المقطع الذي وضع في قروب الواتس، حيث تعرض الشاب للذي تعرض له من عنف دموي شنيع على مرأى ومشاهدة مجموعة شباب كان بينهم من استمر في تصوير الشاب وهو ملقى على الأرض يرتجف ارتجاف متشنج، تسيل الدماء من فمه ووجهه!. ماذا لو شاهد الأطفال هذه المشاهد!!؟. قطعاً سيكون تأثيرها عليهم أشد من تأثر الشخص الكبير في السن أو الواعي المدرك والبالغ. بل إنهم يحتاجون لمرحلة تأهيل ليكون الطفل فرداً صالحاً في مجتمعه، ونحن نرى مشاهد العنف آخذة في الانتشار في بعض القنوات التلفزيونية، الأفلام الأجنبية تحديداً، وفي تطبيقات الأجهزة الذكية التي خرجت من السلطة الرقابية، سلطة كانت تملك تقنين مواد يشاهدها الطفل والشاب من خلال البلاي ستيشن وأخواتها.
الآن الوضع أشد وأصعب في وجود أجهزة ذكية البرامج فيها أعقد من أن تراقب بالتالي تقنن أو يلغى السيئ فيها!. هل أقول إن سهولة انتشار مشاهد العنف في زمن السوشل ميديا، وزمن الأجهزة الذكية، وزمن الانفتاح الخطر نتاجه هذه المرأة «عنوان الرقة واللطف والحنو» التي استسهلت إدراج مقطع الفيديو العنف في قروب الواتس، وكنت ضحية مشاهدته حد توتر أعصابي وتأزم نفسيتي!!؟؟!.