عروبة المنيف
تشكل ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق في المملكة هاجساً مستمراً للمخططين التنمويين وللمهتمين بالتركيبة الاجتماعية لما لها من تبعات سلبية على البناء الاجتماعي ومؤشر خطير يهدد النمو الاجتماعي والثقافي والصحي والنفسي والاقتصادي وعلى النهضة الشاملة للمجتمع بشكل عام. فالأسرة هي المرتكز الأساسي للمجتمع إن صلحت صلح المجتمع، وتفاقم حالات الطلاق تشكل معول هدم للكيان الاجتماعي ولتماسك نسيجه العام.
صدور تعميم من وزارة الصحة إلى مائة وخمس وعشرين مرفقاً صحياً بالمملكة مؤخراً بما يتضمن إضافة «تحليل المخدرات» ضمن تحاليل المقبلين على الزواج وعلى الأخص الزواج من سعودية، هو أحد المحاولات الحثيثة التي تصدر عن الجهات المعنية للحد من ظاهرة الطلاق التي أصبحت تؤرق الجميع، فقد صدرت تعليمات تمنع مأذوني الأنكحة من عقد قران من تثبت التحاليل تعاطيه للمخدرات. بالنظر لذلك الإجراء من ناحية أخلاقية وحقوقية نرى أنه عظيم في أهدافه ومقاصده فهو يحمي حقوق الطرفين سواء الرجال أو النساء عند الارتباط بما يضمن علاقة زوجية مبنية على الوضوح والتفاهم والنزاهة والثقة المتبادلة، ففي غالبية حالات الزواج المنتهية بالطلاق تتحمل أسرة الشاب المدمن وزر ذلك الفشل لمعرفتها بإدمان ابنها وتجاهل وإخفاء الأمر أمام أسرة الفتاة. إن الخبر يحمل في طياته أهدافاً عظيمة تتمثل في تجنب الأمراض النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها الأسر، فقد استشرت قضايا العنف الأسري، وتثبت الإحصائيات أن غالبية الحالات هي لمتعاطي المخدرات.
إضافة «تحليل المخدرات» لفحص ما قبل الزواج يستوجب إدارياً التأكد من «كفاءة التحليل» وأن المتقدمين للتحليل لن يستطيعوا تضليل المختبرات بأساليبهم ولا سيما أن المخدرات أو الحشيش تختلف المدة التي بها يتم طرح المادة المخدرة من الدم أو البول، فقد تستخدم تلك المعلومة لتضليل النتائج ولاسيما أن التحليل مكلف مادياً، بالإضافة إلى ضرورة الاستعداد والتحضير «لنتائج التحليل»، فعند إثبات التعاطي من قبل المتقدم لعمل التحليل هل سيتم اعتباره «مجرماً « بحكم أن التعاطي يعتبر جرماً يستوجب السجن والاعتقال، أم سيتم اعتباره «مريضاً» ويتم تحويله إلى مراكز التأهيل للعلاج من الإدمان، فلو اعتبر المتعاطي المتقدم للزواج مريضاً بهدف حسن النوايا، هل هناك خطة واضحة لتأهيله ولاسيما أن هناك نقصاً واضحاً في مراكز وبرامج التأهيل في المملكة بشكل عام سواء على مستوى الوزارة أم على مستوى القطاع الخاص، حيث تعاني مستشفيات الأمل من نقص مستمر في الأسرّة وفي البرامج التأهيلية الخاصة في معالجة الإدمان ما يتطلب كخطوة احترازية سابقة للقرار الاستعداد وتكثيف الجهود لتشجيع الاستثمار في مجال التأهيل والعلاج من الإدمان. إن الخطة الخاصة بإجراء ذلك التحليل يجب أن تكون محكمة سواء فيما يتعلق» بكفاءة الإجراء» نفسه أم بالإجراءات المرتبطة «بنتائج التحليل»، فالقوانين والقواعد والإجراءات والمعايير المتعلقة بالتحليل يجب أن تكون واضحة والمرافق اللازمة لمواجهة «نتائج التحليل» يتوجب جاهزيتها بما يضمن كفاءة تنفيذ القرار المتخذ.