د.ثريا العريض
تابعت كلمة الملك بمجلس الشورى وهو يلقيها عبر الأثير الإعلامي, وقرأت النص الكامل متأملة أبعاد الفحوى للصيغة المكثفة. وبحثت فيها عن روافد الطمأنة التي يتطلع إليها كل مواطن حول المرحلة القائمة والقادمة, خاصة والأجواء المضطربة عالمياً لا تبشر المتابعين لمستجداتها بالخير اقتصادياً وسياسياً. فكان في توضيح أن المملكة ستظل تمارس عقلانية التوازن الريادي بين إصرارها على السلام والسيادة, واستدامة التوجه للبناء وحماية المواطن ومصالح الأجيال القادمة.
لابد أن نعترف جميعاً بأن الأوضاع حالياً ليست مثالية أو ما يرغب به المواطن أو المسؤول, ولكن الإيمان بقدرتنا على مواجهة المستقبل كفريق متضامن يطمئن إلى الخروج من الأزمة. والعمل معاً يسرع ذلك. والحمد لله أن توصل منظمة الدول المنتجة للنفط لاتفاق بشأن الإنتاج جاء بنتائج ملموسة في تعديل الأوضاع الاقتصادية وحمل وعود استقرار عالمي. فلنتفاءل بقادم أفضل.. ويبقى أن علينا الاستعداد مسبقاً لأي تطورات اقتصادية أو سياسية من تغييرات في السياسات والقيادات العالمية المؤثرة.
وعودة لما رأيته أهم ما جاء في كلمة الملك:
إعادة هيكلة الاقتصاد
«خلال السنتين الماضيتين واجهنا تلك الظروف بإجراءات اقتصادية وإصلاحات هيكلية أعدنا فيها توزيع الموارد بالشكل العادل الذي يتيح فرصة نمو الاقتصاد وتوليد الوظائف، وتأتي رؤية المملكة 2030 في هذا السياق بهدف رفع أداء مؤسسات الدولة لغد أفضل -بإذن الله-، ولتحقيق العيش الكريم للمواطنين».
سياسة السعودية الداخلية تقوم على ركائز أساسية تتمثل في حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والرخاء في بلادنا، وتنويع مصادر الدخل، ورفع إنتاجية المجتمع لتحقيق التنمية بما يلبي احتياجات الحاضر ويحفظ حق الأجيال القادمة. العالم يمر بتقلبات اقتصادية شديدة عانت منها معظم دول العالم وأدت إلى ضعف بالنمو، وانخفاض في أسعار النفط. وقد سعت الدولة إلى التعامل مع هذه المتغيرات بما لا يؤثر على ما تتطلع إلى تحقيقه من أهداف وذلك من خلال اتخاذ إجراءات متنوعة لإعادة هيكلة الاقتصاد، قد يكون بعضها مؤلماً مرحلياً، إلا أنها تهدف إلى حماية الاقتصاد منطلقين من استشراف المستقبل، والاستعداد له في وقت مبكر قبل حدوث الأزمات.
الحل السياسي للأزمات الدولية
في مجال السياسة الخارجية استمرار التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام العالمي، وتعزيز التفاعل مع الشعوب لترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك. خيار الحل السياسي للأزمات الدولية هو الأمثل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو السلام، وبما يفسح المجال لتحقيق التنمية.
طمأنتي الكلمة بما تأكد لي في عباراتها من التركيز على استمرار محاربة المحاولات المغرضة لقلقلة الاستقرار الموجهة أولاً عبر تشكيك المواطن في صدق السعي لحمايته والوطن من المتوقعات الاقتصادية السلبية، وثانياً لتفتيت اللحمة الوطنية, وإضعاف الشعور بالانتماء.
بقي الاستقرار الاجتماعي الذي رأيت ما يبشر به في ما صرح به خادم الحرمين, تأكيداً على التوجه القادم. هنا أتمنى أن يسن تجريم الأفعال والأقوال التي ترسخ الطائفية والتصدع المحلي والتبعية لجهات خارجية.. وأتفاءل أن توصياتنا في الدورة الأسبق بتجريم الكراهية والإقصاء واستفزاز الآخر والتحرش ستتجسد بإذن الله قوانين رسمية ملتزما بها لحماية أمن الوطن, يعاقب مرتكبوها ليمنع شرهم من الاستشراء في جسد الوطن عبر عقول وتصرفات أبنائه.
أدام الله أمن الوطن واستقراره ونماءه.