«الجزيرة» - المحليات / تصوير - فتحي كالي - عبدالرحيم نعيم:
رعى معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل اليوم الحفلَ الذي أقامته كلية اللغة العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية (1438هـ / 2016م) بحضور ومشاركة سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة، ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين الذي ألقى محاضرة عن دور صحيفة الجزيرة في خدمة اللغة العربية (طالع صفحة20).
وبهذه المناسبة ألقى معالي أ.د.سليمان أبا الخيل كلمة قال فيها: (سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك، رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، المتحدث الرسمي في هذا اللقاء.. أصحاب الفضيلة والسعادة، أيها الأخوة والأخوات الأبناء والبنات والحاضرون والحاضرات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
يقول الله سبحانه وتعالى {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}.
ويقول المصطفى «صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه»، وفي هذه الآية وذاك الحديث إرشاد وتوجيه وبيان شافٍ لكل من أراد أن ينهض ويرفع رأسه بحمل رسالة لغة القرآن اللغة العربية الكريمة، وإن الإنسان عندما يتأمل ويحقق ويدقق ويطّلع ويقرأ ويبحث يرى أن اللغة العربية تئن أنين المريض وتبكي بكاء المصاب وما ذلك إلا لأن أهلها والناطقين بها والرافعة لشأنهم تكاسلوا في حملها والنطق بها والتعامل بثقافاتها وآدابها، كيف لا ونحن نرى ذلك عيانًا بيانًا من خلال حوادث وأعمال ووقائع لا تخفى على أحد؟!
ولنعلم جميعًا أن من يقول إن اللغة العربية من اللغات القابلة للانقراض كلامه مردود وغير مقبول بالدليل الشرعي الصحيح الثابت بالكتاب والسُنة لأن هذه اللغة هي لغة القرآن ولغة الإسلام الذي لا يمكن أن يُعرف دين الله الكريم العظيم إلا بها، وهذا الدين بمبادئه وثوابته وأصوله وخيراته وما جاء به من فلاح وسعادة وطمأنينة للبشرية جمعاء مستقر ومستمر إلى قيام الساعة.
فوجود هذه اللغة ثابت راسخ لا يتزعزع ولا يمكن أن تؤثر فيه العوادي ولا المؤثرات لأن وعد الله عز وجلّ لا يتخلف ولكن قد تموج الأمواج وتتكاثر الأقوال والمزايدات لسبب أو آخر إما لضعف في المسلمين أو لشدة عداوة هذا الدين من أعدائه الظاهرين والمستخفين فيدخل في خلد بعضنا أن لغتنا تضعف أو تنقص، لا والله لا يمكن أن يكون ذلك ولن يحصل بإذن الله تعالى.
ومن هنا وحتى نعيد الفضل لأهله ونضع النقط على الحروف والأمور في نصابها ونشهد شهادة حق أن هذه الدولة السُنية السلفية القرآنية دولة التوحيد وبلاد الخير والفضل خير الأوطان المملكة العربية السعودية ترعى هذه اللغة وتعمل بجهود جبارة ومناشط متنوعة مختلفة من أجل أن تجعل هذه اللغة غضة حية طرية في كل أعمالها وأحوالها وتحولاتها وعلاقاتها مما نراه من خلال ما يُنشأ من الكليات والمعاهد والمراكز المختلفة المعتنية باللغة العربية وآدابها، أو كذلك الأبحاث وكراسيها وغير ذلك مما هو بالداخل والخارج. وأبعد من ذلك أنه تأتي التعاليم والتوجيهات أن اللغة الرسمية والتخاطبية وغيرها مما تتعامل به مؤسسات الدولة هي اللغة العربية بما جاء فيها من دقائق وتفصيلات.
وأبلغ من هذا وأكثر أثرًا وتأثيرًا أن هذه البلاد المباركة تبنت وبكل شجاعة وقوة واقتدار أن تكون اللغة العربية من اللغات الست المعترف بها دوليًا في الهيئات والمؤسسات الدولية، وأبلغ من ذلك وأعمق في هذا الاتجاه أن دولتنا الرشيدة تبنت المحتوى العربي في الإنترنت في صورة وطريق لم يسبق له مثيل في الدول العربية والإسلامية أو غيرها ممن يعتني بلغة القرآن.
وها نحن اليوم كشاهد عيان وحقيقة واقعة في هذه الكلية العتيدة العريقة كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نحتفل في مناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان «#اللغة_العربية_هوية_ومواطنة، و#لغتي_هويتي» فما أعظم الهدف وما أسمى الرسالة وما أبلغ الرؤية ولكنها تحتاج إلى رجال يحملونها ويأطرونها ويحبونها ويقدمونها على كل ملذاتهم لأنها لغة الدين والقرآن فيهبوا ويسرعوا وينفضوا غبار الكسل ليبينوا أن اللغة العربية لغة حبيبة أريبة أديبة قريبة لينة سهلة ممتنعة يمكن من خلال ما جاءت فيه من المعاني والمباني أن نصل إلى سويداء قلوب من يستمعون إلينا أو نطلب لهم الهداية والتوجيه من المسلمين وغير المسلمين.
ومن هنا نرى أن استثمار اللغة العربية بجمالها وكمالها وشموليتها وبلاغتها وإعجازها وآدابها وحقائها هي أفضل أسلوب ووسيلة يمكن أن يستثمرها كل مسلم في الدعوة إلى الله عز وجلّ وتقريب وجهات النظر ونشر حضارة وثقافة الإسلام وإفشاء التعارف الذي نادانا الله من أجل تحقيقه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } (13) سورة الحجرات، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نُعرّف بأنفسنا ونظهر ونبرز مكانتنا ومنزلتنا إلا بهويتنا الحقيقية التي هي هوية الإسلام والتي من أسسها وأصولها وقواعدها وثوابتها اللغة العربية.
وإننا مطالبون اليوم في هذه الجامعة وعبر هذه الكلية أن نكون عند حسن الظن وأن ندلف إلى كل ما يعيننا ويساعدنا من أجل أن نكون في مقدمة الركب وألا توصف اللغة العربية من خلالنا بأنها لغة متقوقعة أو جامدة أو غير معاصرة لا تصلح لهذا الزمن أوذاك المكان. إنها أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة سوف نُسأل عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
نعم ننطلق من الثوابت ومن الأصول الرواسي الشوامخ، ولكن لنعلم أن لغة وصفت بأنها لغة القرآن لا بد أن تتعايش مع كل عصر ومصر وزمان ومكان لأن من صفات هذا الدين وميزاته ومحاسنه التمام والكمال والشمولية والصلاحية لكل زمان ومكان والاستمرارية إلى قيام الساعة، ولذلك خاب وخسر من لم يعرف هذه الجوانب ومن راح يُسوف ويُدلس ويعمل أعمالًا تُضعف هذا الجانب أو تقلل من أهمية لغتنا في نفوس أبنائنا وبناتنا لأن الحق أبلج والباطل لجلج.
والحق يقول إن هذه اللغة هي سيدة اللغات وأفضلها وأكرمها وأعظمها وأجملها، ومن هنا جاء ذاك الحراك المتنوع المختلف في وسائله ومناهجه وطرقه عبر أقسام هذه الكلية ومجلسها وكذلك المجالس العلمية واللجان المتخصصة ومجلس الجامعة ليكون أنموذجًا حيًا ونبراسًا يضيء الطريق لكل من أراد أن يخدم هذه اللغة التي هي أحوج ما تكون إلينا في هذا الزمن ولن نتردد أو نتساهل في دعم وتأييد وتشجيع كل من يسهم في تحقيق هذا المنشود والوصول إلى المأمول من منسوبي هذه الكلية وغيرها من كليات الجامعة لأن الحمل والأمانة ليس ملقى على كليات اللغة العربية بل هو شامل لجميع كليات وتخصصات الجامعة في الداخل والخارج بل هي مسؤولية شرعية إسلامية وطنية لا بد أن نقوم بها.
وقد رأيت من خلال رحلاتي إلى دول لا تتحدث اللغة العربية ولا تنطق بها اهتمامًا كبيًرا من أجل معرفة هذه الثقافة وهذه اللغة وقالوا «إن الجسور التي يمكن أن تمتد بيننا وبينكم هي عبر لغتكم العربية» لأن اللغة هي التي من خلالها تُعرف الحضارة والثقافة وهي التي إذا أُحسنت إدارتها وإلقاؤها واستثمارها كانت فتحًا عظيمًا ولا أقول هذا الكلام من نفسي بل أقوله من خلال ما رأيته وعاينته وشاهدته.
شكرًا لله عز وجلّ على ما أنعم وتفضل، ثم الشكر لولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وسمو ولي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهم الله وعاهم على جهودهم المباركة وعنايتهم الكبيرة باللغة العربية ودعمها عبر إنشاء الكليات والمراكز وتوفير الحوافز والجوائز لكل من يسهم بذلك مع ما نلقاه منهم من عناية كريمة ودعم وتأييد وتسديد في ما يخدم هذه الجامعة العملاقة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، جامعة علوم السيادة والريادة، الشريعة واللغة العربية وما انضاف إليها مما دار في فلكها ولا يخرج عن خدمة ديننا ووطننا
***
«الجزيرة» - المحليات
تصوير - فتحي كالي - عبدالرحيم نعيم
رعى معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل اليوم الحفلَ الذي أقامته كلية اللغة العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية (1438هـ / 2016م) بحضور ومشاركة سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة، ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين الذي ألقى محاضرة عن دور صحيفة الجزيرة في خدمة اللغة العربية (طالع صفحة20).
وبهذه المناسبة ألقى معالي أ.د.سليمان أبا الخيل كلمة قال فيها: (سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك، رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، المتحدث الرسمي في هذا اللقاء.. أصحاب الفضيلة والسعادة، أيها الأخوة والأخوات الأبناء والبنات والحاضرون والحاضرات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
يقول الله سبحانه وتعالى {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}.
ويقول المصطفى «صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه»، وفي هذه الآية وذاك الحديث إرشاد وتوجيه وبيان شافٍ لكل من أراد أن ينهض ويرفع رأسه بحمل رسالة لغة القرآن اللغة العربية الكريمة، وإن الإنسان عندما يتأمل ويحقق ويدقق ويطّلع ويقرأ ويبحث يرى أن اللغة العربية تئن أنين المريض وتبكي بكاء المصاب وما ذلك إلا لأن أهلها والناطقين بها والرافعة لشأنهم تكاسلوا في حملها والنطق بها والتعامل بثقافاتها وآدابها، كيف لا ونحن نرى ذلك عيانًا بيانًا من خلال حوادث وأعمال ووقائع لا تخفى على أحد؟!
ولنعلم جميعًا أن من يقول إن اللغة العربية من اللغات القابلة للانقراض كلامه مردود وغير مقبول بالدليل الشرعي الصحيح الثابت بالكتاب والسُنة لأن هذه اللغة هي لغة القرآن ولغة الإسلام الذي لا يمكن أن يُعرف دين الله الكريم العظيم إلا بها، وهذا الدين بمبادئه وثوابته وأصوله وخيراته وما جاء به من فلاح وسعادة وطمأنينة للبشرية جمعاء مستقر ومستمر إلى قيام الساعة.
فوجود هذه اللغة ثابت راسخ لا يتزعزع ولا يمكن أن تؤثر فيه العوادي ولا المؤثرات لأن وعد الله عز وجلّ لا يتخلف ولكن قد تموج الأمواج وتتكاثر الأقوال والمزايدات لسبب أو آخر إما لضعف في المسلمين أو لشدة عداوة هذا الدين من أعدائه الظاهرين والمستخفين فيدخل في خلد بعضنا أن لغتنا تضعف أو تنقص، لا والله لا يمكن أن يكون ذلك ولن يحصل بإذن الله تعالى.
ومن هنا وحتى نعيد الفضل لأهله ونضع النقط على الحروف والأمور في نصابها ونشهد شهادة حق أن هذه الدولة السُنية السلفية القرآنية دولة التوحيد وبلاد الخير والفضل خير الأوطان المملكة العربية السعودية ترعى هذه اللغة وتعمل بجهود جبارة ومناشط متنوعة مختلفة من أجل أن تجعل هذه اللغة غضة حية طرية في كل أعمالها وأحوالها وتحولاتها وعلاقاتها مما نراه من خلال ما يُنشأ من الكليات والمعاهد والمراكز المختلفة المعتنية باللغة العربية وآدابها، أو كذلك الأبحاث وكراسيها وغير ذلك مما هو بالداخل والخارج. وأبعد من ذلك أنه تأتي التعاليم والتوجيهات أن اللغة الرسمية والتخاطبية وغيرها مما تتعامل به مؤسسات الدولة هي اللغة العربية بما جاء فيها من دقائق وتفصيلات.
وأبلغ من هذا وأكثر أثرًا وتأثيرًا أن هذه البلاد المباركة تبنت وبكل شجاعة وقوة واقتدار أن تكون اللغة العربية من اللغات الست المعترف بها دوليًا في الهيئات والمؤسسات الدولية، وأبلغ من ذلك وأعمق في هذا الاتجاه أن دولتنا الرشيدة تبنت المحتوى العربي في الإنترنت في صورة وطريق لم يسبق له مثيل في الدول العربية والإسلامية أو غيرها ممن يعتني بلغة القرآن.
وها نحن اليوم كشاهد عيان وحقيقة واقعة في هذه الكلية العتيدة العريقة كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نحتفل في مناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان «#اللغة_العربية_هوية_ومواطنة، و#لغتي_هويتي» فما أعظم الهدف وما أسمى الرسالة وما أبلغ الرؤية ولكنها تحتاج إلى رجال يحملونها ويأطرونها ويحبونها ويقدمونها على كل ملذاتهم لأنها لغة الدين والقرآن فيهبوا ويسرعوا وينفضوا غبار الكسل ليبينوا أن اللغة العربية لغة حبيبة أريبة أديبة قريبة لينة سهلة ممتنعة يمكن من خلال ما جاءت فيه من المعاني والمباني أن نصل إلى سويداء قلوب من يستمعون إلينا أو نطلب لهم الهداية والتوجيه من المسلمين وغير المسلمين.
ومن هنا نرى أن استثمار اللغة العربية بجمالها وكمالها وشموليتها وبلاغتها وإعجازها وآدابها وحقائها هي أفضل أسلوب ووسيلة يمكن أن يستثمرها كل مسلم في الدعوة إلى الله عز وجلّ وتقريب وجهات النظر ونشر حضارة وثقافة الإسلام وإفشاء التعارف الذي نادانا الله من أجل تحقيقه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } (13) سورة الحجرات، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نُعرّف بأنفسنا ونظهر ونبرز مكانتنا ومنزلتنا إلا بهويتنا الحقيقية التي هي هوية الإسلام والتي من أسسها وأصولها وقواعدها وثوابتها اللغة العربية.
وإننا مطالبون اليوم في هذه الجامعة وعبر هذه الكلية أن نكون عند حسن الظن وأن ندلف إلى كل ما يعيننا ويساعدنا من أجل أن نكون في مقدمة الركب وألا توصف اللغة العربية من خلالنا بأنها لغة متقوقعة أو جامدة أو غير معاصرة لا تصلح لهذا الزمن أوذاك المكان. إنها أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة سوف نُسأل عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
نعم ننطلق من الثوابت ومن الأصول الرواسي الشوامخ، ولكن لنعلم أن لغة وصفت بأنها لغة القرآن لا بد أن تتعايش مع كل عصر ومصر وزمان ومكان لأن من صفات هذا الدين وميزاته ومحاسنه التمام والكمال والشمولية والصلاحية لكل زمان ومكان والاستمرارية إلى قيام الساعة، ولذلك خاب وخسر من لم يعرف هذه الجوانب ومن راح يُسوف ويُدلس ويعمل أعمالًا تُضعف هذا الجانب أو تقلل من أهمية لغتنا في نفوس أبنائنا وبناتنا لأن الحق أبلج والباطل لجلج.
والحق يقول إن هذه اللغة هي سيدة اللغات وأفضلها وأكرمها وأعظمها وأجملها، ومن هنا جاء ذاك الحراك المتنوع المختلف في وسائله ومناهجه وطرقه عبر أقسام هذه الكلية ومجلسها وكذلك المجالس العلمية واللجان المتخصصة ومجلس الجامعة ليكون أنموذجًا حيًا ونبراسًا يضيء الطريق لكل من أراد أن يخدم هذه اللغة التي هي أحوج ما تكون إلينا في هذا الزمن ولن نتردد أو نتساهل في دعم وتأييد وتشجيع كل من يسهم في تحقيق هذا المنشود والوصول إلى المأمول من منسوبي هذه الكلية وغيرها من كليات الجامعة لأن الحمل والأمانة ليس ملقى على كليات اللغة العربية بل هو شامل لجميع كليات وتخصصات الجامعة في الداخل والخارج بل هي مسؤولية شرعية إسلامية وطنية لا بد أن نقوم بها.
وقد رأيت من خلال رحلاتي إلى دول لا تتحدث اللغة العربية ولا تنطق بها اهتمامًا كبيًرا من أجل معرفة هذه الثقافة وهذه اللغة وقالوا «إن الجسور التي يمكن أن تمتد بيننا وبينكم هي عبر لغتكم العربية» لأن اللغة هي التي من خلالها تُعرف الحضارة والثقافة وهي التي إذا أُحسنت إدارتها وإلقاؤها واستثمارها كانت فتحًا عظيمًا ولا أقول هذا الكلام من نفسي بل أقوله من خلال ما رأيته وعاينته وشاهدته.
شكرًا لله عز وجلّ على ما أنعم وتفضل، ثم الشكر لولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وسمو ولي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهم الله وعاهم على جهودهم المباركة وعنايتهم الكبيرة باللغة العربية ودعمها عبر إنشاء الكليات والمراكز وتوفير الحوافز والجوائز لكل من يسهم بذلك مع ما نلقاه منهم من عناية كريمة ودعم وتأييد وتسديد في ما يخدم هذه الجامعة العملاقة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، جامعة علوم السيادة والريادة، الشريعة واللغة العربية وما انضاف إليها مما دار في فلكها ولا يخرج عن خدمة ديننا ووطننا ويحقق تطلعات ولاة أمرنا.
شكرًا لرجل بذل نفسه وجهده وسخّر وقته لخدمة دينه ووطنه والعمل على طرح الرؤى الصريحة الواضحة البعيدة عن المزايدات التي تؤدى بطريقة إعلامية علمية احترافية مهنية عبر صحيفة «الجزيرة» الغراء ألا وهو الأستاذ خالد بن حمد المالك، والذي دائمًا وأبدًا يشاركنا ويشاطرنا ويقف معنا في كل ما يخدم رسالة وأهداف هذه الجامعة وها هو اليوم يشاركنا في يوم نعتز به ألا وهو اليوم العالمي للغة العربية وقد طرح طرحًا مفيدًا من خلال الموضوع الذي حاضر عنه وهو دور صحيفة «الجزيرة» في خدمة اللغة العربية وإن كانوا بذلوا وجدّوا وأجادوا وأفادوا فلابد أن يعلموا أن اليوم الحاجة إلى ذلك أشد من ذي قبل، وبالتالي نحن نرحب بكل ما يكون له مجال لإثراء اللغة العربية عبر الصحافة السعودية ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ونحن إذ نقول ذلك لنبارك لسعادته على اختياره رئيسًا لمجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين مما سيكون له أثر كبير في تحقيق ما يُتأمل ويُتطلع إليه في كثير من المجالات الإعلامية والعلمية والصحفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
شكر يتبعه إلى كلية اللغة العربية التي نرى حراكها ونشاطها وبرامجها وفعالياتها تتحفنا في كل أسبوع بل في كل يوم عبر عمادتها المتمثلة بالدكتور محمد بن عبد العزيز الفيصل الذي يبذل جهدًا واضحًا في كل ما يخدم وطنه وجامعته وكليته ويُسخّر كل وقته من أجل ذلك مع ما يتميز به من آداب عالية وخُلق جم وتعامل لطيف مع الجميع، وكذلك وكلاء الكلية ورؤساء الأقسام وأساتذتها الذين نتطلع منهم اليوم إلى شيء كبير وعزيز في أن يؤدوا دورهم الأسري والوطني والمجتمعي في ما يعيدنا إلى منابعنا الصابية وموردنا الزلال لغة القرآن الكريم ويبين من خلالها ما يحتاجه الناس في أمور معاشهم ومعادهم.
شكرًا لمن حضر من الأساتذة والطلاب ذكورًا وإناثًا ولمن ساهم في هذا اللقاء بمساهمة قليلة أو كبيرة.
ولو أنني أوتيت كل بلاغة.. وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر
لما كنت بعد القول إلا مقصرا.. ومعترفاً بالعجز عن واجب الشكر..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
كما ألقى الدكتور محمد بن عبدالعزيز الفيصل عميد كلية اللغة العربية كلمة قال فيها: (تحتفل كلية اللغة العربية بذكرى اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي خصصته منظمة اليونسكو للاحتفاء بلغة القرآن الكريم، وذلك بعد جهود حثيثة من قبل قيادة المملكة العربية السعودية الحكيمة، التي تقدمت باقتراح خلال انعقاد الدورة مئة وتسعين للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو, حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم ثلاثة آلاف ومئة وتسعين، الذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة, وبفضل جهود المملكة الصادقة أصبحت اللغة العربية ضمن اللغات المعترف بها في الأمم المتحدة, وهذه الخطوة المباركة التي بادرت بها قيادة المملكة هيأت للعربية الدخول في جمعية الأمم المتحدة لتكون إحدى اللغات الرسمية العالمية، وبهذا أرفع خالص الشكر والتقدير إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد الأمين، على دعمهم ورعايتهم للغة العربية.
معالي الوزير.. إن رعايتكم الكريمة لاحتفاء الكلية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، لهو خير شاهدٍ على اهتمامكم بلغة القرآن الكريم، وإن حضوركم لهو أبلغ محفز لي ولزملائي لنبذل المزيد من الجهد والعمل.
لقد حرصت الكلية على زرع حب اللغة العربية في نفوس أبنائها من الطلاب والطالبات، في مختلف المراحل والتخصصات، فالعربية مفتاح العلوم وقاعدتها، ولتفعيل هذا الجانب نظمت الكلية مسابقة (لغتي هويتي)، وقد شارك فيها العديد من الطلاب والطالبات من مختلف كليات الجامعة ووحداتها، وهاهم اليوم سيتشرفون باستلام جوائزهم من معاليكم في هذا الحفل الميمون, وكما أشكر معاليكم على توجيهكم ودعمكم المبارك بإنشاء المعرض الدائم للغة العربية بمقر الكلية، ليكون واجهة مشرقة للكلية.
إن من أهداف الكلية الشراكة مع المجتمع ومختلف مؤسساته لتكون العربية عضوا فعالاً في جميع نشاطات المجتمع، حيث تشرف الكلية اليوم باستضافة سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس رؤساء التحرير، ورئيس تحرير صحيفة الجزيرة، ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، هذا الرجل الذي خدم اللغة العربية ودعمها عبر احتفاء صحيفة الجزيرة بالشعر الفصيح، وتأسيسها لأكبر قسم يهتم بالتدقيق اللغوي والذي يعمل فيه نخبة من خريجي الكلية، إلى جانب تأسيس الجزيرة لعدد من كراسي البحث في علوم العربية بالجامعات السعودية، وتبنيها للإصدارات التي تهتم بعلوم العربية، وسيتحفنا ضيفنا الكريم الآن بحديث عن هذه الجهود وعن تجربة صحيفة الجزيرة في خدمة اللغة العربية، وهي تجربة رائدة وموفقة تستحق الإشادة والتقدير.
معالي الوزير.. بفضل الله ثم بفضل دعمكم وتوجيهكم حققت كلية اللغة العربية خطوات إيجابية استطاعت عبرها مواكبة رؤية المملكة العربية السعودية عشرين ثلاثين، وذلك بتطوير مناهجها، وتلبية متطلبات سوق العمل، حيث وافق مجلس الجامعة برئاستكم في جلسته المعقودة بتاريخ 9 /1 /1438هـ على الخطة الدراسية لبرنامج البكالوريوس، لتستحدث الكلية مسارات جديدة، هي:
مسار لغة القانون والأنظمة، ومسار اللغة الإعلامية، ومسار علم اللغة الحاسوبي، إلى جانب المسار العام، وتأتي هذه الخطوة التطورية؛ تنفيذاً لتوجيهاتكم السديدة والمباركة، فلكم جزيل الشكر والتقدير، وما زال العمل مستمراً والجهود قائمة لخدمة لغة القرآن الكريم، ونسأل الله العون والتوفيق).
وكان الحفل قد انطلق في الساعة العاشرة والنصف من صباح هذا اليوم الأحد 19 / 3 / 1438هـ وتضمّن عرض فيلم بعنوان: «بقاء الجذور»، ثم قصيدة شعرية ألقاها الطالب معاذ الجريّد الفائز بالمركز الأول في مسابقة الكلية عن فرع الشعر، ثم محاضرة بعنوان: «دور صحيفة الجزيرة في خدمة اللغة العربية» قدمها سعادة الأستاذ خالد المالك، واستعرض فيها جانباً مهماً من تجربة صحيفة الجزيرة في الاهتمام باللغة العربية على مستويي الرؤى والتطبيقات.
وفي ختام الحفل منح معالي مدير الجامعة ضيف الحفل الأستاذ خالد المالك وسام جامعة الإمام تقديراً لجهوده الوطنية وريادته في مجال الصحافة، ولجهوده في خدمة اللغة العربية وآدابها، ثم سلّم معاليه الفائزين والفائزات بمسابقة لغتي هويتي جوائزهم، ودشّن وسم «اللغة_العربية_هوية_ومواطنة وأعلن خلال التدشين إطلاقَ جائزتين للمبادرات والمشروعات التي تعنى بخدمة اللغة العربية، إحداهما: لجميع طلاب وطالبات الجامعة، والأخرى: لجميع أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، ثم افتتح معاليه المعرض الدائم للغة العربية، وودّع بمثل ما استقبل به من حفاوة وتكريم.
الجدير ذكره أن الحفل حظي بحضور كبير من قبل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والمثقفين والأكاديميين والمهتمين من خارج الجامعة، حيث أشادوا ببرنامج الفعاليات وما طرح من مبادرات.
حضر الحفل أصحاب السعادة وكلاء الجامعة، وعمداء الكليات، وعمداء العمادات المساندة، ومنسوبو الكلية، وعدد كبير من طلاب وطالبات الجامعة .