يوسف بن محمد العتيق
حينما تعقد العزم على عمل كتاب توثيقي عن مدينة من المدن، فإنّ الواجب عليك أن تضع المعنيين من أهل هذه المدينة في الصورة ليمدوك بالمعلومة والوثيقة والخبر والصورة، ولتأخذ منهم مشروعية اجتماعية لإتمام هذا العمل ومن ثم نجاحه.
وهذا أمر ملموس يعرفه كتّاب التاريخ ومثقفو تاريخ المدن على وجه التحديد، وكلنا يعرف أنّ المؤلف لن ينجح دون هذه المظلة الاجتماعية في كتابه.
لكن دعونا نسأل: لماذا لا يتعاون المجتمع مع مؤلِّف يريد أن يخدمهم ويوثق تاريخهم؟!
قد يكون السبب عدم ثقتهم في مقدرته أو هناك تحفُّظ على شخص المؤلف وليس الموضوع نفسه.
وإذا كان السبب هذا، فمن الممكن حله إذا وجد كاتب آخر، لكن المصيبة هي أن يكون لدى أهالي أي مدينة أو قرية عزوف عن توثيق تاريخهم لأسباب غير مقبولة.
في مثل هذه الحالة سيأتي من يكتب تاريخهم بطريقة تسيء إليهم وإلى مدينتهم بشكل كبير، إذا دخل هذا المجال من يكتب عن مدينة لأسباب مادية بحتة، وكأنه مقاول ينفذ مشروعاً ينتظر ما يقدم له آخر العمل.
التعاون مع من يريد أن يكتب عن مدينتي أو وطني هو لصالحي قبل أن يكون لصالح الكاتب، فقد يخرج هذا الكتاب في يوم من الأيام دون الرجوع إلى هذا المتحفظ، ولا يكون له شرف خدمة مدينته ومسقط رأسه.
لذا دعوى عدم خدمة المؤلفين والتردد في خدمتهم، ليس بالضرورة أن يكون في غير صالح الكاتب، بل قد يكون ضاراً بالمتردد وغير المتعاون، لأنّ عجلة التاريخ ستمضي به أو بدون، ولذا فعليه أن يضمن لنفسه سطراً في هذا الكتاب الكبير.