فهد بن جليد
برأيي أن مراكز الرعاية الصحية الأولية بالجوف فعلت ما لم تستطع بقية فروع وزارة الصحة القيام به، عبر استهداف المصلين في جوامع المنطقة, لتطبيق التطعيمات عليهم ضد الإنفلونزا الموسمية بعد الفراغ من أداء صلاة الجمعة الماضية, فهذه الفكرة الذكية حققت أكثر من معنى, ولفتت انتباهنا إلى إمكانية الاستفادة -عملياً- من تجمُّع المصلين لتنفيذ برامج (مدنية وطبية) مهمة، أكثر من مرة ذكرنا أن للمساجد في الأحياء أدواراً كبيرة جداً، مهملة في (حياتنا المدنية) العصرية نحن المسلمين، بما لا يتعارض مع دور المساجد (كدور للعبادة)!
المسجد ليس للصلاة فقط، فالمُسلم يُصلي حيثما أدركه الوقت، قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، مما يدل على أن المسجد بمثابة مركز إشعاع ونور وخير في حياة المسلم، يجب أن ننظر إليه أبعد من مجرد مكان (لتأدية الصلاة) فقط، فيمكن إضافة إلى هذا العمل العظيم، بتأدية ثاني أركان الإسلام مع جماعة المسلمين، أن يكون كل مسجد وجامع في كل حي من الأحياء (مركز إدارياً) يُستفاد منه خارج أوقات الصلاة، بما يعود على الحي بالفائدة والنفع، كأن تُقام فيه المحاضرات والدروس الدينية والتوعوية والثقافية والدورات والبرامج التدريبية التي تؤهل أبناء الحي الوحد من الجنسين.
لدينا أكثر من 95 ألف مركز إداري ومأوى مُجهزة لتنفيذ البرامج والخطط التدريبية -85 ألف مسجد 15 ألف جامع- لم تفكر الكثير من الجهات التي لديها خطط وبرامج مجتمعية توعوية وإرشادية وتثقيفية بالاستفادة من تجمع الناس لـ5 مرات يومياً فيها، إضافة إلى ملايين المصلين نهاية كل أسبوع (يوم الجمعة)، لتنفيذ بعض هذه البرامج في هذه الأوقات، مما يضمن تحقق كل أساليب الإعلان الحديثة (الانتشار، الوصول، التكرار)!
والأهم دائماً إعداد من يقوم على هذه (المساجد) من الأئمة والمؤذنين بالشكل المطلوب، حتى يُعيدوا للمسجد مكانه ومكانته الغائبة، ويفعّلوا مثل هذه النشاطات والأدوار المهمة!
وعلى دروب الخير نلتقي.