د. عبدالواحد الحميد
في زمن شهادات الدكتوراه والماجستير الوهمية لم يعد غريباً أن يعتمد بعض طلاب المرحلة الجامعية اعتماداً كاملاً، ومن الألف إلى الياء، على محلات خدمات الطالب لإجراء البحوث والدراسات التي يتم تكليفهم بها من قِبَل أساتذتهم بالجامعة بدلاً من أن يقوموا بها بأنفسهم.
هذه الظاهرة أصبحت - للأسف - منتشرة بين بعض طلاب الجامعة. ولم يعد من النادر أن تجد طالباً لا يكاد يفقه شيئاً في تخصصه، لكنه يقدم بحوثاً متميزة ترفع معدل درجاته في المادة التي يدرسها دون أن ترفع، - بالطبع - معدل تحصيله الحقيقي وفهمه للمادة.
أما السر في تميز مستوى بعض البحوث التي يشتريها بعض الطلاب من محلات خدمات الطالب فهو أن معظم هذه البحوث هي في الأساس «ملطوشة» من مراكز دراسات أو من مجلات متخصصة يقوم موظف خدمات الطالب بقصها ولزقها ويستلم الثمن من الطالب الذي يسلمها، بدوره، إلى أستاذه حتى دون أن يقرأ فيها حرفاً واحداً، فهو مجرد «حامل أثقال» لم يكتب ولم يقرأ!
والعجيب أن الموظف في محلات خدمات الطالب لا يستحي أن يبدي استعداده لإجراء أي بحث في أي تخصص! فهو يكتب للطالب بحثاً في تخصصات العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية والشرعية وفي كل مجال طالما أن الطالب يدفع الثمن المطلوب.
هذه البحوث المزيفة المسروقة لا يتردد بعض الأساتذة في قبولها من الطالب واحتسابها ضمن تحصيله بالرغم من الفارق الكبير بين المستوى الدراسي العام للطالب في المادة ومستوى البحث المقدم منه. فلو كان الأستاذ حريصاً ومهتماً لاكتشف بسهولة أن مثل ذلك الطالب لا يمكن أن يُعِد بحثاً متميزاً بذلك المستوى، ولو ناقشه في البحث لاكتشف أنه لا يفقه شيئاً عمَّا جاء في البحث!
لقد تحولت محلات خدمات الطالب إلى فضيحة علنية، فهي تُعَلِّم التلميذ الغش والتزييف منذ سنوات الروضة حتى الجامعة، وهي تمارس عملها في العلن وتتقاضى «ثمن» بضاعتها نقداً وعداً مثلما يشتري الإنسان من بقالة عبوة عصير أو لبن ويدفع ثمنها ثم ينصرف.
هذه المحلات تَحْصُل على ترخيص ممارسة عملها من وزارة الإعلام، ولكن يجب أن يكون لوزارة التعليم دور في مراقبة عملها ونوع الخدمات التي تقدمها للطالب، فنحن لا نريد أجيالاً تتخرج من الجامعات وهي لا تفقه شيئاً في تخصصاتها وتدخل سوق العمل بإنتاجية ضعيفة تكرس الاعتماد على العمالة الوافدة.