محمد سليمان العنقري
قبل أيام انتهى التسجيل بالمرحلة الأولى لرسوم الأراضي البيضاء التي تشمل المساحات للأراضي الخام أعلى من عشرة آلاف متر مربع، وهي واحدة من أربع مراحل سيتم الانتقال لها بحسب المعطيات الاقتصادية، ويعول كثيراً على نجاح نظام رسوم الأراضي بإعادة تنظيم قطاع العقار وتحويل الأراضي إلى منتجات سكنية تزيد من العرض وتوسع بنسبة ملكية المساكن كهدف أساسي تم إقرار نظام الرسوم لتحقيقه.
ورغم أن المساحات الأولية التي سجلت بلغت في المدن التي شملتها المرحلة الأولى ما يقارب 635 مليون متر مربع إلا أن فرزها وتحديد الخام منها الذي يتناسب مع شروط المرحلة الأولى سيأخذ قرابة الشهرين بحسب حديث مدير رسوم الأراضي بوزارة الإسكان لكن يمكن القول إن الأرقام ستبقى بمئات الملايين على أي حال مبدئياً مما يعني أن ما يمكن تطويره سيكون كافياً لبناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية فيما لو طورت تلك الأراضي وتوفرت كل العوامل المحفزة لذلك.
لكن هل سيكون لانخفاض أسعار الأراضي الحل السحري لزيادة تملك السكن؟ الجواب على هذا السؤال «لا» لأن الحلول لا تقف عند معالجة شح الأراضي ومنع احتكارها فهذه مرحلة رئيسية أولية فقط لكن حتى تتحول الأرض لمنتجات وتكون بأسعار مناسبة وبتنوع بأساليب التمويل فإن ذلك يتطلب جهوداً وتنسيقاً واسعاً بين مختلف الجهات الرسمية وكذلك تهيئة القطاع الخاص ليساهموا جميعاً بتحويل العقار لصناعة تحقق منافع واسعة بالاقتصاد.
فالاستعدادات لمرحلة تطوير الأراضي بعد تطبيق الرسوم تستوجب تسريعاً بالإجراءات كاملة خصوصاً ما يتعلق بوزارة الشؤون البلدية والقروية، وكذلك إيصال الخدمات بالإضافة إلى إيجاد سوق تمويلية بكفاءة عالية لأن التحدي الأبرز سيكون بالتمويل مع البدء برفع أسعار الفائدة من الفيدرالي الأمريكي قبل أيام وقيام مؤسسة النقد برفعها كما فعلت كل البنوك المركزية التي تربط عملات دولها بالدولار كما أن الفيدرالي الأمريكي أعلن أنه ينوي رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات العام المقبل 2017م وهذا بدوره سيرفع من أسعار الفائدة محليا بالمحصلة وإن كانت مؤسسة النقد أبقت الريبو الذي يعني سعر الفائدة لإقراض المؤسسة للبنوك دون تغيير لكن قد يتغير ذلك مع استمرار رفع أسعار الفائدة مستقبلاً والحاجة المتنامية للتمويل لمختلف الأنشطة بالاقتصاد ستزيد من الضغط على طلب السيولة، خصوصاً أن تباطؤ نموها كان كبيراً لهذا العام بصفة عامة والمعالجات الأخيرة لتحسينها ستتطلب وقتاً لتظهر آثارها مع أهمية زيادة ضخ السيولة حتى لا تتلاشى آثار الحلول التي تمت -مؤخراً- وخفضت من أسعار السايبور «سعر الإقراض بين البنوك» بشكل ملحوظ.
فتأخر الحلول لتملك السكن يمكن أن يمتد لفترة لا تقل عن عشرة أعوام سابقة خصوصاً عندما كانت الفائدة بأقل مستوياتها واستمرت لسنوات، حيث كانت فرصة لتنظيم سوق الإسكان وتطوير آليات تمويله، بينما الآن فإن ارتفاع تكاليف التمويل والهيكلية التي تتم بالاقتصاد الوطني لرفع كفاءته بالإنفاق والأداء ومعالجة أوجه الإنفاق عموماً لتكون أكثر كفاءة بالتأكيد سيكون لها تأثيرات مرحلية على القدرة الادخارية للأفراد، ولذلك فإن وزارة الإسكان أمام تحدٍّ بابتكار الحلول المتمثلة بمنتجات مناسبة بالأسعار والتكاليف ليس فقط للمستفيد النهائي الفرد، بل للمطورين أيضاً، فالتكلفة قد تنخفض بالأرض بشكل جيد لكن هل ستتمكن الوزارة من خفض بقية جوانب التكلفة؟ سواء مواد البناء أو أجور العمالة وأيضاً تكلفة التمويل فلا بد من أن يكون لدينا مراكز أبحاث للإسكان متنوعة المهام حتى تلعب دوراً محورياً بتقديم المشورة لخفض التكاليف وتطور أيضا من طرق البناء، وتقلل بتكاليف إنشائها بخلاف تطوير البرامج الادخارية اليسيرة المتناسبة مع وضع كل أسرة حتى لا يبتلع ارتفاع التكاليف الأخرى ما سينعكس من تراجع أسعار الأراضي.
انتهت مرحلة الحديث عن نظام رسوم الأراضي وتأثيراته على خفض أسعار الأراضي بحكم أنه سيؤدي بالضرورة إلى زيادة العرض، لكن فتح الباب على معالجة بقية التفاصيل الرئيسية التي تمثل جزءاً كبيراً من التكلفة أيضاً لأنها تشكل بمجموعها الوصول للمنتج النهائي وسعره وكيف سيتمكن الفرد من التملك أي أن المسارات التي تهم الفرد هي ما ينتظر أن يراها بالفترة القريبة المقبلة لكي يتمكن من تحديد ما يناسبه ويصل به للهدف النهائي من كل ما يتم من عمل بوزارة الإسكان وبالاقتصاد عموماً وهو رفع نسبة تملك السكن وإيجاد عشرات الخيارات من المنتجات السكنية أمام المستفيد النهائي.