رقية سليمان الهويريني
المتمعن في نتائج تعليم الفتيات منذ توحيد المملكة العربية السعودية وحتى الساعة يلحظ تغيرًا هائلاً في مستوى وعي المرأة ومكانتها الثقافية!
سعدت بحضور تخرج المتميزات من طالبات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس ممن حصلن على (امتياز مع مرتبة الشرف) في جامعة الأميرة نورة في الرياض، وكان بحق عرسًا علميًا وإنجازًا عمليًا يضاف إلى الإنجازات الوطنية الجميلة!
أحسب أن جامعة الأميرة نورة بعد انتقالها لمبناها الضخم الذي تبلغ مساحته ثمانية ملايين متر مربع والماثل للمسافر والزائر من وإلى مدينة الرياض قد حققت الآية الكريمة {الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} وتمكين الجامعة في هذا المبنى الحضاري الذي تتوفر فيه جميع الإمكانات المادية والبشرية على أرقى مستوى قد أنتج لنا طالبات على مستوى راقٍ من التعليم، عدا هدف الجامعة التنويري وتعزيزها دور المرأة ودعم مشاركتها الإيجابية في التنمية وخدمة المجتمع. ولعل جامعة الأميرة نورة بتفردها في الإدارة بطاقم نسائي ذي كفاءة ممتازة وتسنم السيدات عمادة الكليات هو انفراد وتفرّد عن بقية الجامعات، وهو ما يعد تحديًا كبيرًا ومراهنة كسبتها المرأة بجدارة.
وبالرغم من أن الجامعة تواجه نقدًا موجعًا من لدن المتشددين والظلاميين لنهجها التنويري وسعيها للارتقاء بوضع المرأة في ظل الثوابت الإسلامية التي كفلها الله بها؛ إلا أن ذلك لم يثنِ عزمها ولم يوقف عجلة العمل التي يحركها العلم والإرادة الفولاذية.
دهشت حقًا عند سماعي كلمة مديرة الجامعة د. هدى العميل بأن نسبة الطالبات السعوديات المبتعثات للخارج تفوق نسبة الطلاب بما يقارب 13 في المائة من جميع جامعات المملكة! واستعدت عصرًا موغلاً في الجهالة حين كان يتوقف قطار تعليم الفتاة عند نهاية المرحلة الابتدائية بدعوى تحريم تعليم الفتاة أصلاً!
رأيت في حفل التميز، تميز الطالبات بأناقتهن وثقتهن بأنفسهن وانطلاقتهن وابتسامتهن وتلويحهن بحركات الفرح، وتحيات الوداع! كما أعجبني ارتداؤهن عباءة التخرج المزخرفة المصممة من لدن طالبات كلية الفنون، والجميل أن إدارة الجامعة لم تلزم طالباتها بارتداء الزي الجامعي تحت العباءة بل تركت لهن الحرية، فظهرت الطالبات على سجيتهن وتضوع فرحهن.
عرضت الجامعة في حفل التخرج نماذج من المعاناة المصاحبة لبعض الطالبات في المرحلة الجامعية، حيث تحدَّثت الزوجة، والأم، وذات الظروف الخاصة بكرسيها المتحرك، والمغتربة، ولم يحد ذلك من تميزهن واستحقاقهن مراتب الشرف!
مبروك التخرج يا بنات نورة..