د. أحمد الفراج
هكذا يمكن أن نصف علاقة الرئيسين، الأمريكي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين، فمنذ فوز أوباما، في عام 2008، لم ينسجم الرجلان، وفشلت كل محاولات شركات العلاقات العامة، ومهارة خبراء الإعلام، في إخفاء ذلك، وربما أن المسمار الأخير في نعش علاقات الرجلين، كان احتلال روسيا لجزيرة القرم، وموقف أوباما المتصلب من ذلك، وبوتين، مهما اختلفنا حوله، سياسي من طراز رفيع، فشخصيته قوية، ومعقدة، وهو رجل استخبارات بارع، وقد أصيب بصدمة، عندما انهار الاتحاد السوفييتي، ولذا جعل أهم أهدافه هو عودة القوة الشرقية، عبر الاتحاد الروسي، هذه المرة، فروسيا، التي كانت جزءاً من الإمبراطورية السوفييتية، هي ذاتها اتحاد يضم 83 كياناً فيدرالياً، منها 22 جمهورية، ويسعى بوتين لعودتها لأيام مجدها، ومزاحمة الإمبراطورية الأمريكية، وقد وجد ضالته في تردد أوباما، وضعف مواقفه الدولية، وانحسار الهيبة الأمريكية، فاهتبل ذلك لأقصى حد ممكن.
تاريخياً، كان الجمهوريون خصوماً ألداء للاتحاد السوفييتي، وفي خمسينات القرن المنصرم، اشتعلت حرب شعواء، في قلب الإمبراطورية الأمريكية، على الشيوعية، تزعمها عضو مجلس الشيوخ، عن ولاية ويسكانسون، جوزيف مكارثي، وهي الفترة التي شهدت إطلاق مصطلح «المكارثية»، إذ زعم مكارثي أن وزارة الخارجية، والجيش الأمريكي، وأماكن أخرى، تمتلئ بالشيوعيين، والجواسيس الأمريكيين، الذين تم تجنيدهم من قبل الاتحاد السوفييتي! وتبع ذلك ملاحقات، لكل من يشك في انتمائه الوطني، ناهيك عمّن يتعاطف مع الشيوعية، ولا يزال هذا التاريخ الغابر، نقطة سوداء، في مسيرة الولايات المتحدة، ثم بدأت الأحوال تتحسن نسبياً، وإن استمر العداء بين القطبين، فحرب النجوم، كانت هي الإنجاز الأبرز، للرئيس رونالد ريجان، في ثمانينات القرن الماضي، وهو القرن الذي شهدت تسعيناته تفكك الاتحاد السوفييتي، زمن الرئيس جورج بوش الأب.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وما أعقبه من تفكك، ظن بعض المعلقين أن هذا هو نهاية الأمر، خصوصاً في ظل وجود رئيس مفلس، اسمه بوريس يلسون . هذا، ولكن القوميين الروس كانوا يتوقون لإعادة مجدهم، وتزعم هذا المسعى رجل الاستخبارات القوي، فلاديمير بوتين، والذي تمسكن، وعمل بهدوء، حتى أعاد لروسيا بعضاً من الوهج، ثم جاءت الفرصة الماسية لهذا القيصر، أي وصول حمامة السلام أوباما لرئاسة أمريكا، ومن ثم اندلاع الثورة السورية، فاستغل ذلك ببراعة، وفي خضم كل ذلك، تجرأ بوتين، وتدخل في سير الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، حسب تقارير كل أجهزة الاستخبارات الأمريكية، خصوصاً السي آي إيه، والاف بي آي، وهو الأمر الذي يخضع للتحقيقات الآن، ويبقى السؤال: هل سيؤثّر تدخل روسيا على نتائج الانتخابات الأمريكية، والتي فاز فيها ترمب؟ وما هي إمكانية إعادة النظر في نتائج الانتخابات، وفوز ترمب، وجواب ذلك سيكون في مقال مستقل!