«الجزيرة» - محمد السنيد:
قال معالي الدكتور محمد بن علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمناسبة يوم الشرطة العربية الذي يصادف يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام: إن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل بكل فخر واعتزاز بيوم الشرطة العربية الذي يخلد حدثًا عظيمًا في مسيرة العمل الأمني العربي المشترك، هو انعقاد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب بمدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1972م، الذي يشكل فرصة لتقدير التضحيات الجسيمة التي يقدمها رجال الشرطة والأمن، والجهود المضنية التي تبذلها الأجهزة الأمنية في سبيل أمن مواطنينا واستقرار أوطاننا ومحاربة قوى الشر والإجرام؛ لتعم السكينة في مجتمعاتنا العربية كافة. ويأتي الاحتفال بيوم الشرطة العربية هذا العام وبعض دولنا العربية لا تزال في معركة مستمرة ضد قوى الإرهاب والتطرف المقيت والطائفية البغيضة التي تسعى جاهدة للنخر في جسد مجتمعاتنا والنيل من وحدتها، بعد أن عاشت قرونًا طويلة من الانسجام والتعايش السلمي رغم تعدد الديانات السماوية واختلاف المذاهب العقائدية وتنوُّع الملل والنحل وتعدد الأعراق والأجناس.
وتحل علينا هذه الذكرى ومنطقتنا العربية تشهد تفاقمًا في الأعمال الإرهابية وتزايدًا في نشاطات الجماعات المتطرفة الموجهة ضد رجال الأمن والشرطة البواسل حماة الوطن، وضد المدنيين الذين ليس لهم ذنب إلا أنهم وُجِدوا في أماكن عيشهم وفي محال أعمالهم، لتزهق أرواحهم الطاهرة عبثًا أمام قوى الشر والإرهاب التي جعلت منهم حطبًا لحربها الشعواء ضد مقدرات الشعوب والأوطان، غير آبهة بمبادئ الإسلام وسائر الديانات السماوية السمحة الغراء والمواثيق والأعراف الإنسانية التي تجرم أفعالها الإرهابية المقيتة، وتدعو للتعايش والتآلف والتسامح والاعتدال والوسطية.
ولئن كان خطاب التطرف المقيت والطائفية البغيضة هو المغذي الرئيس لعصابات الإرهاب والإجرام المنظم فإنه ليس التهديد الوحيد في المشهد الأمني العربي اليوم؛ فالأحداث التي نراها في بعض دولنا العربية تؤكد وجود مخطط إقليمي لضرب أواصر الأخوّة والمحبة واللحمة بين شعوبنا، وزعزعة الأمن والاستقرار في أوطاننا، وشرخ وحدة وترابط مجتمعاتنا وتعطيل عجلة التنمية على الأصعدة كافة. وما العصابات الإرهابية التي تتخذ من الخطاب الطائفي المتطرف البغيض عنوانًا لأعمالها الإرهابية إلا وسيلة رخيصة لتحقيق تلك الأهداف الدنيئة.
وقد حرص مجلس وزراء الداخلية العرب الذي كان له السبق في التحذير من ظاهرة الإرهاب والأخطار الكبيرة التي تشكلها، انطلاقًا من مسؤوليته تجاه أمن مجتمعاتنا العربية، على حشد كل الطاقات، وتوحيد جهود الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني كافة نحو مواجهة فعّالة لهذه الآفة. وتحقيقًا لذلك أعلن المجلس بناء على توصية من قادة الشرطة والأمن العرب عام 2016 سنة عربية لمواجهة الإرهاب؛ لتكون بذلك مناسبة لتعزيز برامج التوعية لتحصين الشباب من السقوط ضحية للتنظيمات الإرهابية، والقضاء على العوامل التي تغذي الإرهاب، بما في ذلك تجفيف منابعه الفكرية المرتكزة على العنف والتطرف والغلو، إلى جانب المكافحة العملية من خلال الحد من انتقال المقاتلين إلى بؤر الصراع والتوتر، وتجفيف مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية، والعمل على تعزيز التعاون العربي - الدولي، وزيادة التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية على المستويَيْن العربي والدولي للحد من هذه الآفة.