ينحو بعض المستكتبين في بعض صحف الوطن إلى التطرف في تعميم الأفكار ووصف المجتمعات ونعتها بالأمراض النفسية المستعصية.
السيكوباتية - المرض النفسي - آخر صرعات التُّهم التي وُصم بها السعوديون، فتُهم الإرهاب والتشدد والصلف.....إلخ، لم يعد لها مكان في قاموس الشتائم الذي خصص لنا مما دعا إحداهن للتساؤل قائلة: هل المجتمع السعودي سيكوباتي؟.
ولأن الموضوع تناول المجتمع تصوراً ثم حكماً من خلال زاوية رؤية ضيقة وحكم إقصائي مسبق، فقد خالف المنهجية العلمية وأخلف مفاهيمها وقبلها الضمير السوي في تعميم تصرف أفراد ليصبح حكماً إقصائياً جامعاً صُبِّغ به شعب بأكمله!
السكوباتية أراها بأعراضها واعتلالاتها مرضاً يجسده بعض المتطرفين في رؤاهم وأفكارهم، يصدرون أحكاماً إقصائية يصادرون من خلالها المنطق والعقل وبعدها الإنسان، هولاء منهجيتهم تقوم على البحث عن إثارة، والإثارة تكمن في طَرق موضوع غريب وإلباسه ثوب الدِين أو الوطنية، ثم يُنمق من خلال ألفاظ مستهلكة سائغ شرابها وإشرابها لكل الذين يهمهم هدم المجتمع وإسقاط رموزه وقدواته.
هولاء تتغشاهم السيكوباتية وتجللهم حياة وممارسة وأسلوب عمل، لا ريب فهم النهاية الطرفية لمنظومة الهدم علموا أم لم يعلموا، هم مجرد أحجار على رقعة الشطرنج المهني والحياتي، يدفع بأحدهم لهدم حصن أو مبدأ أو قامة، قد ينجح وقد لا ينجح ولكنه يظل في الحالتين الوقود الذي تضرم به نيران الإثارة، ولأنه أيضاً - وبحسب قواعد اللعبة - سيكون الضحية ومن يدفع الثمن. السيكوباتيون الجدد في حياتنا يُسبغ عليهم هالة من الحضور والتقدير والامتنان. تاريخهم الإبداعي لا يُذكر ولا يمكن له أن يُرصد أو يُستشهد به كنتاج إنساني سوي فضلاً عن أن يكون إبداعياً يستوقف عامة البشر وخاصتهم.
السيكوباتيون يدلفون إلى الثقافة والفكر والإثارة من أبوابها الجدلية والشاذة، وما إن يحرروا ويتحرروا من قيود الخوف والصدمة حتى تصبح الأحكام القاتلة والغريبة مطاياهم لسلخ المجتمع وتشويه صورته تحت دعاوى باطلة وغريبة.
تعرفهم بأسمائهم وصفاتهم وتاريخهم الذي يميل إلى البعد والنأي عن التوسط في الطرح والوسطية والاعتدال، يمتلكون مخزوناً ثقافياً لا بأس به من المعلومات والمفاهيم، هم حفاظ نصوص لكن قدرتهم على التحليل والاستباط والإبداع تظل معدومة، لأنهم صور مكررة أُريدَ لها أن تكون مسخاً من مفاهيم خاطئة تصادم المجتمع وقيمه وثوابته.
السيكوباتيون الجدد خليط من كل تناقض أهمله الآخرون وأعاد سدنة خطابهم تدويره في منابرهم وتصديره لشبابنا نتاج فكري ثقافي يدشنه أرباب الدجل وصناع الإثارة والمتعهدون الفارغون الذين فتحت لهم الأبواب مشرعة للصدح بأفكارهم ورؤاهم المتصادمة مع العقل والمنطق ومصلحة العباد والبلاد.
أيها الشعب السعودي العظيم، شرفك الله بالإسلام فكنت حارسه، وبحرمين شريفين قيادتك لهما خادمة، فلا يغرك كلام المرجفين ولا يستوقفنك لغطهم، وتذكر قول الله في محكم التنزيل {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.
- علي المطوع