دائماً ما يساند العقل الباطن أو جزء اللاوعي في عقولنا كل الأفكار والأوهام والمعتقدات التي تشربنا الإيمان بها – بصرف النظر عن صحتها من عدمه- وهذا ما يشكل في النفس حالة الاطمئنان لصحة المعتقد/ الفكرة التي نعتنقها، وهو ما يجعلنا نغشى بإيماننا على أنفسنا حين نرى كل الدلائل والقرائن التي تدحض صحة ما كنا نؤمن به. لذلك فإن أكبر خديعة يتعرض لها الإنسان في حياته هي الفكرة المخزونة في عقله الباطن!.
إن العقل الباطن هو ما يصنع لنا كل تلك التصورات الذهنية حول أفكارنا، وهو الذي يقوم بصياغة الأحلام والرؤى التي تأتي في هيئة البشائر الربانية، أو النبوءات الاستثنائية، أو حتى الكرامات والمعجزات.
ذاكرتي البصرية حفظت الكثير من المقاطع التي يتحدث أصحابها عن رؤيا أو بشارة ربانية جاءت في المنام، أو كرامة وهبها الله له من بين البشر، مما يستدعي مزيداً من التصديق بما يعتقد به، بل المزيد من الإيمان بكامل أفكاره وتوجهاته التي يحملها، والغريب في الأمر هو البون الشاسع بين توجهات وأفكار ومعتقدات أصحاب هذه المقاطع البصرية، والتي يتحدثون من خلالها إلى جمع من الناس، بل إن بين مذاهبهم أو دياناتهم كما بين المشرق والمغرب، ولم يجمع بينهم أي عامل مشترك ما عدا تلك التهيؤات التي يرسمها اللاوعي حول ما يؤمنون به!
لذلك ليس الاطمئنان لفكرة ما شرطاً أساسياً لصحتها، وليس كل ما نراه في المنام رسالة أو وحي. إن ما دعاني لكتابة تلك الأسطر هو مقطع شاهدته لأحد الدعاة وهو يقصص رؤياه على الحضور ويقول بأن أحد الصحابة قد حضر درسه وأوصى الحضور باحترامه لأنه عالم! وهو بذلك أراد أن يترفع على الحضور في مكانة أعلى من مكانته.
- عادل بن مبارك الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@ AaaAm26