عندما اخترت أن أعمل في السياسة كنت أقدم حياتي لأجل أن أسهم بأي شيء في إصلاح حال الوطن لكن لم يكن هناك شيء بوسع أحد أن يفعله! لقد دفع جيلنا ثمن فساد الأجيال السابقة وهكذا عشت شبابي ليس فقط في الصراع والكفاح لأجل فني، بل في أسوأ حالة من الممكن أن يرى المرء فيها وطنه.. انظري إلى دولة مثل مصر خُدع فيها الناس وسرقت ثورتهم على فساد الملكية وولائها إلى المستعمر وبدلاً من أن ينهض بها قائد الثورة العظيم بالعلم والعدالة والمساواة فتحت السجون ولم يبق في مصر أحد لم يسجن له قريب أو صديق أو أخ.. هل حقًا ترغبين في أن أمضي بالحديث وأكتب عن ضياع مقدساتنا وأراضينا وكرامتنا؟ ثم هناك دول مثل العراق وسورية عاشت انقلابًا بعد انقلاب ويا له من تساؤل ساذج أن يحسب المرء أن غاية هؤلاء الزعماء هي كرامة الإنسان والوطن والنهضة به..
**
كنت أعرف صديقة في ذلك الوقت وكنت دائمًا أقول لها بأنني وددت لو عشت في زمن آخر لو عشت أبكر قليلاً وكانت تسخر مني ولم يكن هناك مزيد من الوقت لأقول لها لماذا فقد رحلت كما رحل كل شيء آخر مني.. إنني أعيد قراءة الأسطر السابقة وأرى الفوضى وأرى كم ذهبت بعيدًا عن العنوان الذي تطلبين مني الحديث عنه..
الأجيال.. الأجيال. آه لو تتصورين كم تذنب الأجيال حين تترك للأجيال التي تليها الحياة في أسوأ حالتها، حين تترك الجهل والفوضى، حين تترك العار وخيبة الأمل، حين تترك الفقر والفاقة حين تسلب منهم الحياة وتمضي.. تمضي ولا يستطيع أحد أن يسألهم لماذا؟ ولا أن يحاسبهم أحد!
هذا ما تفعله الأجيال بالأجيال يا صبية وهكذا عشت شبابي وعاش أفراد جيلي شبابهم وهكذا سلبت منّا الكرامة والحياة ولم نستطع أن نجد الإيمان. كنا جيل ضائع خائب الأمل يحيا بلا كرامة ولم نكن نستطيع أن نخفي أحزاننا وحتى عندما نفعل كان فرحنا مشوهًا.
كان فرحنا مشوهًا ولم نستطع أن نجد الإيمان.
- صالح العوض