أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
اللهم إنا نشكو إليك ضعفنا، وقلة حيلتنا، وظلمنا أنفسنا، وأننا نعلم علم اليقين ثم نغفل: أن ما أصابنا من حسنةٍ فمن عندك يا ربنا، وما أصابنا من سيئةٍ فمن عند أنفسنا.. لقد حذرتنا يا ربنا من الركون إلى الذين ظلموا، وأمرتنا أن نجتمع ولا نتفرق فتذهب ريحنا.. وها نحن نقترف كلما نهيتنا عنه: نركن إلى الذين ظلموا وهم الذين أبدعوا مصائبنا؛ فنرى تعاطفاً وقولاً معسولاً، ثم نرى بعد الخفاء تآمراً عالمياً من كل قوى الشر لاستلحامنا أرواحاً وبيوتاً ومزارع وبحراً وجواً وأرضاً؛ وكل ذلك مصداق قولك ياربنا: {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (105) سورة البقرة، وقولك يا ربنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (118-120) سورة آل عمران.. وهؤلاء الأعداء وكأنهم أصدقاء يرون ما أصاب سوريا والعراق وليبيا وتونس واليمن والجزائر؛ فنسمع منهم: هذا قريبٌ من أن يكون جريمة حربٍ، وما تقولونه يا مسلمون من إحراق وقصف وتهديم منازل على الأطفال والنساء والشيوخ؛ بل من هتك أعراض النساء وفعل الفاحشة في الأطفال: جريمةٌ؛ ولكن لا علم لنا بشيءٍ من ذلك.. وأنت يا ربنا حذرتنا بآياتٍ كريماتٍ كثيرةٍ قد قصر في فهمها على مرادك علماء العصر مثل قولك: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} (4) سورة الإسراء، ثم اقرؤواوتفهموا وراجعوا مصادر فهم كلام الله على مراد الله ما بعد الآية السابقة؛ وهي الآيات 5، و6، و7، و8 من سورة الإسراء؛ فسترون أن دول الكفر والظلم كلهم إلبٌ على المسلمين، ونصرٌ لإرادة يهود الخزر المسمين بإسرائيل، وبالصهيونية العالمية؛ (ومنهم الدواعش المغرر بهم)، وبالصهوينة اليهودية، واربطوا ذلك برؤيا حزقيال، وبأسطورة هرمجدون.. لا مفر من ذلك.. حتى النصارى الذين أثنى الله على قسسهم ورهبانهم قد وقعوا فيما حذرهم منه ربهم؛ فكانوا عبيداً للمفسدين في الأرض من اليهود.. ويا أيها الشباب، ويا أيها الكهول، ويا أيها الغارقون في البنيوية والأسلوبية والعقل الجمالي وشعر التفعيلة؛ (وأنا واحدٌ منكم في هذا السوء): علينا أن نستغيث برحمة لله ربنا وقدرته أن يردنا إليه رداً جميلاً، ولنحاسب أنفسنا وتاريخنا منذ سيادة القانون الوضعي، وتعطيل شرع ربنا: هل استهزأنا بدين ربنا وبالمسلمين، وهل فينا من شتم الدين أو سب ربه وقد نهانا ربنا عن سب أصنام الكفار حتى لا يسبوا الله عدواً، وهل أديت الحسبة والنهي عن المنكر تجاه استباحة الزنا واللواط والجنس الثالث وشرب الخمور والمخدرات ولا سيما في البروج الشامخة.. ولنتذكر رحمني الله وإياكم قوله تعالى: {وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (58) سورة الإسراء: هل الآية على عمومها كل قريةٍ كبيرةٍ يتبعها قرى صغيرةٌ.. لا بد من مراجعة مضنيةٍ من علماء العصر من المصادر التي يفهم بها كلام الله على مراد الله.. ولنتذكر قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (153) سورة البقرة؛ لنغير ما بأنفسنا وما في سلوكنا.. وإذا كانت السياسة تمنع من القنوت في المساجد: فعلينا أن نصلي مع المسلمين في المسجد ثم نعود إلى بيوتنا فنصلي صلاة النافلة فنكثر التضرع في القيام والسجود، ثم يقنت كل أهل بيتٍ الرجال في صف، والنساء في الخلف؛ فنكثر الدعاء والتضرع في قيام الركعة الثانية، ونري ربنا ؛ (وهو أعلم بما في نفوسنا من علمنا بما فيها) ما يرضيه عنا.. رب ارحم وأنت خير الراحمين، رب اغفر وأنت خير الغافرين.. وإلى لقاءٍ في السبت القادم إن شاء الله تعالى، والله المستعان.