الطائف - خاص بـ«الجزيرة»:
أبدى داعية ومستشار أسري ألمه وحزنه لما وصلت إليه المشكلات الزوجية في المجتمع من حال مما استوجب تدخّل محاكم التنفيذ بإلزام 3551 زوجاً وزوجة بتنفيذ أحكام الزيارة والحضانة والصداق، من بينها 1889 قضية زيارة، و 1158 حضانة وذلك خلال فترة وجيزة.
وقال فضيلة الشيخ بدر بن علي العتيبي: هناك أكثر من ثلاثة آلاف طفل وطفلة على أقل تقدير يعيشون الصراع بين بابي وجودهم في الحياة، تحطيم للروح حال الافتراق، وجلد لها كلّ مرة حال التسليم والاستلام، وما يحصل من نزاعات، وإملاءات، بل ربما شهد الطفل والطفلة مسرح (الجريمة الأسرية) من صراخ الزوج أو الزوجة، والمشادات الكلامية بين أهل ذاك وذوي تلك! والسؤال: لماذا؟ وما ذنب الأبناء حتى يبلغ بهم سوء الحال إلى أن يكونوا أداة انتقام بين الأبوين؟
وتابع العتيبي القول: طلِّقوا كيف شئتم، افترقوا، والله يغني كلاً من سعته، ولكن لا تدمروا حياة الأبناء، ولا تجرعوهم مرارة الصراع بعد الطلاق، يكفي ما أصابهم من (اليُتم العاطفي الأليم) بافتراق والديهم، وحرمانهم من اجتماعهم معهم في مجلس واحدٍ، وعلى مائدة واحدة، يضاحكون الأب، ويؤانسون الأم.
اختلفوا مهما شئتم، وكيف شئتم، ولكن قبل أن يبلغ الأمر إلى مشاعر الأولاد وأنظارهم: غيّروا الأسلوب لأجلهم، وتلطفوا في الطرح لراحتهم، وخففوا عنهم المصاب.
هذا أقل ما يراد منكم، والذي يريده الشارع منكم أعلى وأسمى، فهو الذي يقول: (وأنْ تَعْفُوا أقرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة: 237].
وشدّد الداعية بدر العتيبي: أنّه إذا فسدت العشرة الزوجية، وافترقت القلوب والأبدان، يجب أن يبقى للعشرة حق الحفظ، وللذكريات الجميلة حق المكافأة، والوفاء لا يُغادر قلوب الأوفياء وطباعهم، فكان الواجب: ألا يستطيع أولئك الأزواج: الفراق بسلام، والوداع برحمة، والهجر الجميل الذي يقضي بكفّ الأذى، وصيانة اللسان، والتعامل بالمعروف، ففي هذا النوع من التعامل: راحة البال، وطمأنينة العيال، وسلامة الصدور من الغل، وطهارة القلوب من تجدد البحث عن فرص الانتقام والإضرار بالطرف الآخر.
ثم: مجتمعنا بحاجة إلى (الرجل الرشيد) فيا قومِ أليس فيكم رجلٌ رشيد؟ من أبناء القبيلة، ومن سكّان الحي والجيران، ومن الجهات الإنسانية، ومراكز الأحياء، لا تقعدوا من تلك الأسر مقعد المتابع المتعامي! ربما قلوبهم تناديكم وإن لم تنطق ألسنتهم، وتؤمِّل دخولكم بالمعروف، والإصلاح بينهم، خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده إلى قباء، وقال لأصحابه: قوموا لإخواننا في مسجد قباء يريد أن يصلح بين حيين من الأنصار، ودخل بيت علي وفاطمة رضي الله عنهما لما بلغه أنّ بينهما نزاعاً أسرياً، فأين من يقوم بمثل هذا المقام من أبناء الحي والقبيلة؟ ويبادر بمساعي الصلح بين الأزواج، وحل الإشكال، وتقريب القلوب.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو داود والترمذي بسند جيد: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: هي تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين».
واختتم الشيخ بدر العتيبي حديثه قائلاً: إنّ 3000 طفل وطفلة على أقلِّ تقدير حقهم على المجتمع كبير، وحقهم على الوالدين أكبر، فأنقذوهم من المعارك الأسرية، ليعيشوا بين بقية الأولاد براحة بال، وسلامة حال.