في وقت الترابط الكبير الذي يشهده البيت الخليجي الواحد بعد العزم والحزم من ملك جعل في مقدمة أولوياته صياغة سياسة رشيدة لمجتمع واع تربطه روابط متينة وقوية، في زمن يحتاج المجتمع فيه إلى الحزم والعزم والمضي قدماً في رسم سياسية تضمن للمجتمع استمراره، جاءت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في وقت مهم وتوقيت مناسب مع المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة.
إن المتطلع إلى فحوى هذه الزيارة ودلالاتها ومضامينها السامية التي لمس الجميع أثرها من خلال الحفاوة البالغة التي ارتسمت معالمها على وجه المواطن الخليجي في شتى مواقع التواصل الاجتماعي، وجميع أطياف المجتمع كافة مرحبين بتلك الزيارة.
نظرة الملك سلمان - حفظه الله - في هذه الجولة تأتي تطبيقاً واعمالاً للمصلحة المشتركة للأمن الخليجي وتدعيماً لاقتصاد دول الخليج كافة.
وهكذا فإنَّ سياسات المملكة العربية السعودية إزاء الدائرة الخليجية كانت، ولا تزال، تهدف بالدرجة الأولى للمحافظة على أمن منطقة دول الخليج، والتصدي لأي محاولة تخل بتوازن منطقة الخليج، وتهدد أمنها المشترك.
ومن هنا جاءت الزيارة سعياً من المملكة العربية السعودية لتحقيق التوازن السياسي والاقتصادي، حيث تقوم بدور محوري لرسم سياستها إزاء منطقة دول الخليج لتحقيق التوازن والاستقرار فيها.
ولعل الهاجس الذي راود المملكة العربية السعودية في تلك الجولة الخليجية التداعيات الكثيرة في المنطقة والمتغيرات الكبرى في أجزاء كثيرة من الوطن العربي كالثورات التونسية والليبية والمصرية ثم السورية وزيادة النفوذ والتمدد الإيراني في الإقليم، فضلاً عن تحركات سياسية هنا وهناك ذات امتدادات خارجية ظهرت في بعض دول مجلس التعاون الخليجي.
إن هاجس الأمن هو الغالب خليجياً، وترتبط بهذا الهاجس عوامل وعناصر كثيرة كالعامل السياسي، والاقتصادي، والتنموي، تلك الزيارة أتت لتحقيق إرادة الاتحاد الذي يمثل طموحاً عميقاً لشعوب دول مجلس التعاون.
كما أن إعلان دولة الاتحاد يمثل استجابة سريعة للتحديات التي تواجهها دول الخليج والمنطقة، لأن إعلان هذا الاتحاد سيعزز من قدرات هذه القوة وسيوفر الأمن والحماية الوطنية الكاملة - بإذن الله تعالى - وبما يجعل مفهوم الاستقلال أكثر عمقاً.
إن إعلان الاتحاد ليس بالأمر المستحيل بحكم روابطنا المشتركة، فالبنية الاجتماعية واحدة، والمستوى الاقتصادي متقارب، والحدود مشتركة، والعقائد الإيديولوجية متطابقة، ولدينا جيش مشترك.
وجود الاتحاد الخليجي أصبح ضروريا لدرء الأخطار الهدامة من الحدود والجيران الطامعة ويجب إذا تشكل الاتحاد ألا يكون حبراً على ورق يجب أن يؤثر في القوى العالمية التي لا تزال تؤثر وتحكم في مسار أوطان العرب.