الكثير من البشر - وللأسف - يقضي حياته مرتديًا أقنعة مزيفة باهتة، قد لجأ لغير ملجأ، واستظل بغير ظل.. أفنى بها وقته، وبدد معها جهده، وخسر حياته، ولم يكسب إلا الصراعات الداخلية والضغوط النفسية. وقد رصدتُ لك - أيها العزيز - حزمة من تلك الأقنعة:
1 - قناع اللطف: حيث الركض الدائم خلف أمزجة الآخرين، والتلهف على رضاهم.. وصاحبه لا يبدي رأيًا، ولا يعبر عن شعور خوفًا من مخالفة الآخرين، وأن يُحكم عليه بعدم اللطف! وشعاره المخفي (نعم للكل ولا لنفسي)!!
2 - قناع الكمال: حيث النظرة الصارمة في التعامل مع الذات والأحداث والآخرين، والحكم بأحكام حدية، إما أبيض أو أسود؛ فهو لا يغفر زلة، ولا يتجاوز عن هفوة، ويصنف التجارب على أنها نجاح كامل أو فشل تام.. وهذا ما يعرف بنظام (إما كل شيء أو لا شيء) (All or nothing).
3 - قناع المنقذ: وصاحبه جنَّد نفسه لخدمة الآخرين. والإشكالية في هذا القناع أن صاحبه لا يرى نفسه إلا في الانغماس في خدمة الآخرين فقط! وهكذا تمضي الحياة في قضاء حوائج الآخرين وقد أهمل نفسه ومن يعول!
4 - قناع الأفضل: وأصحابه يرون أنفسهم ملائكة مطهرين منزهين عن الأخطاء، ولا تجدهم يترددون في تحميل الآخرين مسؤولية أخطائهم والتفنن في ابتكار شماعات لتعليق أخطائهم على غيرهم!
5 - قناع التواضع: وصاحب هذا القناع يرضى بالخسف، ولا ينبض فيه للحمية عرق، ولا تزعجه الإهانات.. تطامن مذموم، وتصاغر لا خير فيه.
6 - قناع الصراحة: صاحبه لديه إشكال في موضوع الشفافية والوضوح, ولا يفرق بين المداراة والمداهنة! قد أشغل نفسه بتصيُّد أخطاء الآخرين والتشهير بهم وإحراجهم.
7 - قناع أبو العريف: فصاحبه يرى نفسه وحيد الدهر وفريد الزمان، فقيهًا وعالم نفس ومحللاً اقتصاديًّا ومستشارًا تربويًّا.. لا يتردد في الإفتاء في كل موضوع، ويمتد علمه باعتقاده أنه قادر على معرفة ما يفكر به الآخر وما الذي سيفعله في المستقبل القريب!!
8 - قناع الضحية: صاحبه دائمًا يعتذر بالحظ.. لديه بارانويا حيث الشك في الآخرين، وأنهم يتآمرون عليه، ويخططون للإضرار به. ويختفي خلف هذا القناع شخص تخلى عن إرادته ناثرًا بذور التعاسة والشؤم في حياته، يتحدث بلغة عاجزة، كل همه استعطاف الآخرين.. وفات عليه أنه بقدر ما يناله شيء من عطفهم يفقد الكثير من احترامهم!
9 - قناع الضعف: شخص عجيب معدود في (القعائد).. يعتذر دائمًا بضعف القدرة وقلة الإمكانيات.. فيا ضيعة الأعمار تمضي هباء، وقد ضيّع الإنسان ما وُهب من قدرات.
10 - قناع التعميم: ومرتدوه يجعلون من الاستثناءات قواعد عامة.. كثيرًا ما يرددون كلمات، مثل: (كل, أكثر, دائمًا).
11 - قناع المنشغل: وهو قناع تلمحه كثيرًا، وصاحبه دائم الاعتذار بالوقت وضيقه.. والمفارقة أنه بالرغم من كل تلك الادعاءات بلا منجزات حقيقية أو منتجات معتبرة!
12 - قناع التضخيم: وصاحبه يجعل من الحبة قبة.. وحاله عند المشكلات الصغار كمن نكبته النكبات وقصمت ظهره القواصم.
وأخيرًا أيها العزيز.. راجع نفسك، وتأمل أيًّا من الأقنعة تلك قد لبست، وانزعه مباشرة دون تردد، وأعطِ فرصة لشخصيتك الحقيقية أن تظهر، وعندها ستشعر بمزيد من التآلف والقوة والشجاعة والسعادة.