رقية سليمان الهويريني
أثبتت التجربة أن الشهادة الجامعية ليست طريقاً ممهداً للعمل، بل قد تكون سبباً في التعثر! وأذكر أن هناك مسحاً ميدانياً للقوى العاملة عام 2015م أجرته الهيئة العامة للإحصاءات بيّن أن 50 % من خريجي الجامعات السعودية يعانون من البطالة، بينما تناقصت النسبة لدى خريجي الثانوية العامة إلى 32 % ووصلت بين خريجي الكليات المتوسطة 6 % فقط!
والمتخرّجون من الجامعة يزدادون عدداً، بينما وجد غيرهم ممن دونهم شهادة عملاً بيسر وسهولة، فسقف طموحات الجامعي مرتفعة، وتوقعاته عالية بناءً على ما بذله من جهد، وربما تشرئب رقبته نحو منصب ومكانة قد لا تحققها تلك الشهادة الهزيلة! وأقصد بها تلك التي لا يطلبها سوق العمل كبعض التخصصات النظرية، ناهيك عن ضحالة المعدل التراكمي ورداءة المستوى العلمي! لأن الخريجين بالأصل دخلوا الجامعة بمعدلات ضعيفة، رغم عراقيل القياس والقدرات! ويفترض عدم دخول أي طالب لم يحقق 85 درجة قياس وقدرات! وعدم الالتفات إطلاقاً لمعدل الثانوية العامة الدراسي، حيث إن أغلبها درجات وهمية نتيجة مجاملات بعض المدارس الأهلية التي تحافظ على دخلها وليس مصداقيتها في التعليم!
لذا فمن الحكمة التروّي في القبول والسعي لرفع مستوى جودة خريجي الجامعات، والاتجاه للتخصصات العلمية، وفي الوقت ذاته التشجيع على انخراط الطلبة بالكليات التقنية والفنية المطلوبة في سوق العمل، على أن تكون الدراسة جادة وحازمة بحيث لا تقل عن ثلاث سنوات يدرس الطلبة - إلى جانب العلوم التقنية - علوماً إنسانية تساعدهم على اكتساب مهارات حياتية، وهذا بلا شك سيضمن للمتخرّج وظيفة مناسبة لتخصصه مع حصوله على قدرٍ كافٍ من الدراسة النظرية والتطبيقية، وسيتمكّن من الزواج والاستقرار الأسري والمساهمة في بناء وطنه والاستغناء عن العمالة الوافدة.
وينبغي على الكليات التقنية والفنية التوسع في التخصصات والابتعاد عن النمطية المعتادة، وعلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مساعدة الشباب ومنحهم قروضاً ميسرة أو مشاركتهم في التشغيل والربح من خلال افتتاح مصانع صغيرة أو معامل وورش أو محلات صيانة يمارسون فيها حرفتهم.
ويمكننا عندئذٍ أن نقول: أثبتت التجربة أن الكليات التقنية والمعاهد الفنية هي الطريق الممهد للعمل!