خالد الربيعان
على مدى مقالات كنا نبدأ بسؤال لك عزيزي القارئ ، ثم نجيب عليه ! .. أما هذه المرة : فسأسألك أيضاً !
ما انطباعك عن باكستان ؟!
يمكن أن تحكم على الدولة عبر عدد من مواطنيها وعمالتها الذين تراهم في الشارع السعودي وفي قطاع العمل الخاص تحديداً ! باكستان كدولة تعتبر تحت المتوسط من الناحية الاقتصادية ..
إذا قارنتها مع المملكة اقتصادياً والتي تحتل المركز الـ19 في ترتيب الدول من حيث الناتج القومي الإجمالي فأنت تتكلم عن احتلال باكستان المركز الـ 43 !
تاريخ طويل من الفقر وتواضع الحال والمناوشات والعمليات العسكرية والتوتر الحدودي مع دول عديدة، ما علاقة ذلك بالاستثمار الرياضي ؟!
أعطني مهلة من فضلك ! ما رأيك لو قلت لك إنّ باكستان تتفوق على السعودية ، اليابان ، الصين ، روسيا ، جميع دول آسيا ! الولايات المتحدة ، ألمانيا، فرنسا ، باقي دول أوروبا ! : في صناعة الكرة !
نعم الكرة .. الكرة التي تشتريها ليلعب بها أطفالك .. ويلعب بها أكبر لاعبي العالم في جميع محافل وفعاليات وبطولات كرة القدم ، باكستان يا جماعة الخير هي الدولة الأولى عالمياً والتي تحتكر تقريباً صناعة كرة القدم حول العالم !
أحد أركان صناعة الرياضة في كوكبنا تسيطر عليها دولة باكستان ! ، ومنذ فترة ليست بالقريبة ! بل ما قبل سنة 80 ! أي منذ 36 سنة !! كرة مونديال 82 في إسبانيا وكانت تسمّى « تانجو» هم من صنعوها !
وفي سنة 95 كانت باكستان تورد لشركة أديداس الكرة الرسمية للدوري الألماني كله والدوري الفرنسي ! ودوري أبطال أوروبا ! بحلول سنة 99 كانت مدينة واحدة في باكستان هي «سيلكوت» تنتج 75% من إنتاجية كوكب الأرض من كرة القدم ! كانت الولايات المتحدة تستورد 71% من الكرات من باكستان !
سيلكوت مدينة بدأت صناعة الكرة منذ سنة 1920! لك أن تتخيل ! حتى وصلت للعالمية قرب سنة 80 ! ووصلت بإنتاجها لكل البطولات حتى الأولمبياد في لندن 2012 كانت كرته مكتوب عليها « صنع في باكستان» ..!
قمة الإثارة كانت في آخر مونديال في البرازيل، عندما اعتذرت الصين لمسئولي أديداس عن توريد كرة كأس العالم «برازوكا» ! ذهبوا بعدها لباكستان في مصنع أقل ما يقال عنه إنه شيء «مضحك» ! قالوا لصاحبه «أمامك 33 يوماً لعمل طلبية المونديال فهل تقدر؟»
النتيجة كانت توريد أكثر من 42 مليون كرة عليها شعار المونديال والشركة المصنّعة، ومطابقة للمواصفات العالمية الأولى في مدة شهر، ومن معدات «العصر الحجري» حسب وصف مسئولي أديداس!
الأعجب أن أغلب كرات هذا المونديال كانت صناعة نسائية ، أحد أكبر المصانع تلك 90% من عمالته نسائية ، ينتجن 100 كرة في الساعة ، وبدون خطأ واحد أو عيب صناعة ! وبأجر 100 دولار في الشهر ! أي أقل من ثمن الكرة نفسها .. التي تساوي 160 دولاراً !
ماذا بعد ؟!
هذه القصة القصيرة المثيرة أسردها هنا لأني أرى أنّ عدم تخصصنا في أي منتج من منتجات الرياضة، ونتفوق فيه عالمياً بالنسبة لكوننا رابع أكبر كيان مهتم بالكرة في العالم !! فهو شيء «عيب»!
أن ننتج حتى ما نستهلكه نحن هنا في بطولاتنا ودورينا ! من قمصان أو كرات أو أحذية ! - لا أن نصَدِّر! - ما يحيرني هو معرفة ما يمنعنا ! الأرض واسعة وموجودة ! والتقنيات متواجدة حول العالم ولو وصلت لاستيراد المعدات والمصانع اللازمة ! أما نقطة الإمكانيات المالية اللازمة فقصة التفوق العالمي الباكستاني تعطينا رداً مناسباً .. ومُستفزاً ومُحفِّزاً !