فهد بن جليد
لا يجب التساهل في مُشاهدة مُلصقات أو إعلانات التبغ تنتشر في منافذ البيع، في وقت كُنا نظن أننا وصلنا مرحلة مُتقدمة في مُحاربة هذا النوع الرخيص من الإعلانات الترويجية، قبل يومين شاهدت مُلصقاً على باب إحدى البقالات التجارية مكتوبة عليه (أدفع) بتصميم جميل جداً، و لكنني تفاجأت بوجود عبارة صغيرة أسفل المُلصق تقول تحذير التدخين سبب رئيس لأمراض السرطان والقلب... إلخ الديباجة الشهيرة، لأكتشف أنه إعلان لنوع من أنواع التبغ؟!.
تسلل هذه الشركات التي تنشر الأمراض، والسماح لها بالتواجد بهذه الطريقة، يعطل ويقلل من جهود المُحاربة والمُكافحة، ودعوات الإقلاع، ولعلي هنا أستذكر موقفا حدث لي مع أحد المسؤولين في قناة فضائية شهيرة عندما حدثته عن مَشاهد (التبغ والدخان) في الأعمال الفنية والدرامية، ووجوب منعها، لأتفاجأ بأنه يدلني على قنوات عربية تقدم إعلانات صريحة ومُباشرة عن المشروبات الكحولية، وأنواع السجائر، ضمن برامجها ومسلسلاتها ونشرتها الإخبارية، وكأنّه يقول أين نحن وأين هؤلاء ..!.
لك أن تعلم بأن بعض القنوات الفضائية لا تتقاضى مبالغ مالية مقابل مشاهد التدخين التي تظهر فيها، على اعتبار أن الماركة أو اسم الشركة المصنعة للتبغ غير معروفة، ومن يحصل على هذه المبالغ على شكل إعلانات أثناء التصوير هم المنتجون لهذه الأعمال، ومن جهات مجهولة قد تكون مُرتبطة بشركات التبغ، مما يدل على وجود مافيا وعصابات للترويج، وإظهار الأبطال والشخصيات الناجحة والمؤثرة في العمل وهي تدخن أو تتعاطى الشيشة ..!.
وهنا أستغرب أن التقرير الذي صدر مؤخراً من وزارة الصحة حول أسباب تدخين السعوديين جعل الإعلانات عبر وسائل الإعلام أو الأعمال الدرامية كمؤثر أخير للتورط في التدخين، عندما كشف أن الأصدقاء هم السبب الرئيس للتدخين ويأتي بعدهم تقليد مُدخن في الأسرة، وبعدها التوتر، ثم الإعلان ..!.
نحن اليوم نواجه خطرا جديدا بقبول بعض وسائل الإعلام تمرير إعلانات (غير مباشرة) للدخان، ونخشى أن تتطور غداً لتصبح قبولا كاملا بإعلان صريح، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة وحاسمة من الجمهور نفسه قبل الجهات الرقابية، فإذا تسللت إعلانات التبغ إلى وسائل الإعلام فقل على المجتمع السلام !.
هذه الشركات تملك المال والقدرة على إنتاج أكثر الإعلانات تأثيراً.. إحداها تصرف سنوياً 75 مليون دولار على مُحاربة التبغ الرخيص في البلدان الفقيرة، فكم ستصرف على إعلاناتها؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.