أحمد محمد الطويان
هذه الكويت.. أجيال مرت من هنا طوّعت الكلمات، وحرّكت الأوتار، ومسرحت الأفكار، ورسمت الإبتسامات.. هنا قوة الخليج الأنعم رقة والأكثر سحراً والأأصل عراقة، عندما يكون الحديث عن القوة الناعمة.
كيف لا تنام الكويت على أنغام الأوبرا، وكيف لا يتراقص موجها مع كل نسمة تحمل عطر إبداع جديد؟
غَفَت البلاد السامرة على شدوِ مبدعيها، وتوقف مسرحها، وصار إبداعها أثراً بعد عين، نتيجة متغيرات سياسية وإجتماعية، خلقت حالة نفسية لم يتجاوزها الكويتيون بسهولة، ولا يلامون، ولكن قرر أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد، أن يعيد الأثر عيناً، وينهي ظُلمة الفنون بفرقد مشع في قلب عاصمة بلاده، وبمسافة ليست بعيدة عن سور الكويت التاريخي وقصر السيف الكبير بتاريخه وبمؤسس الدولة الكبير مبارك.. في 1990 عندما قرر النظام المجرم في العراق حينها غزو الكويت، غزا الإحساس ودمر الفن، وأعاد البلد عشرات السنين إلى الخلف، تماماً كما غفونا عندما غزا الحركيون ثقافتنا وانطلاقنا في مطلع الثمانينيات.
سعدت بحضور حفل دار الأوبرا الكويتية احتفالاً بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى الكويت، كان الحفل إعلاناً للعالم بأن الكويت ما زالت عاصمة الفنون الخليجية وملهمة الابداع العربي.. كويت الدوخي وعبدالرضا وسعاد عبدالله وحياة الفهد، وبورسلي وغيرهم الكثير والكثير.
ذكرنا هذا الحفل بماضينا وعراقة فننا في السعودية، فن بدر بن عبدالمحسن وخالد الفيصل وعمر كدرس وسراج عمر وطلال مداح ومحمد عبده وطارق عبدالحكيم وغيرهم.
ثنائية الابداع بين السعودية والكويت يجب أن تعود، ويجب أن نتفوق كما تفوقنا في الستينات والسبعينات، وأجواء الابداع أصبحت مهيئة أكثر من أي وقت.
قلت للشيخ سلمان الصباح وزير الاعلام الكويتي أنتم تحيون فينا ما اعتقد كثير من الناس انه اختفى أو انتهى، ونحن وإياكم معين لا ينضب، وأراضي ابداعنا خصبة ومنتجة. أعتقد أن التنسيق الثقافي الرسمي بين بلدينا يجب أن يكون في أعلى مستوى، وسعدت عندما علمت بالاجتماع الرسمي الذي عقده وزير الثقافة والاعلام الدكتور عادل الطريفي مع وزير الإعلام الكويتي، ولعل الأيام القادمة تبشرنا بتعاونات مثمرة ثقافياً وابداعياً.
علينا أن نصحو في الخليج من غفوة أرادها لنا أعداء الحياة والابداع، وأن نرسم لوحة تميز الأجيال الجديدة، تماماً كما تميزت أجيال سابقة.
روعة الخليج رسمها الكويتيون بإبداع لافت، وتبقى الكويت نوراً يضيء الظلام.