عروبة المنيف
صحونا في يوم 7 ديسمبر 2016 على خبرين أحدهما يحمل في ثناياه التفاؤل والفرح بينما يحمل الآخر الريبة والشك ورائحة الخيانة، لقد تفاءلنا بالتجمع الخليجي في قمته السابعة والثلاثين الهادف لتقوية البيت الخليجي الذي يتهيأ لرؤى مستقبلية في وسط إقليمي يموج بالمتغيرات الدراماتيكية السلبية، بينما الخبر الآخر يتعارض تماماً مع تلك الرؤى المستقبلية، في خيانة عظمى للوطن، فقد صدرت أحكاماً بإعدام خمسة عشر مواطناً سعودياً وسجن آخرين من ضمن خلية تجسس إيرانية تضم اثنين وثلاثين عنصراً جميعهم مواطنون سعوديون بينهم واحد إيراني وآخر أفغاني.
يعتبر التجسس أحد السبل الملتوية في الحروب بهدف الحصول على معلومات لتعزيز جبهة الدوله التي يتجسسون لحسابها، فعناصر الخلية كما أعلن عنها تنوعت وظائفهم في القطاعين العام والخاص، ما بين طبيب استشاري ودكتور أكاديمي ومسؤول بنكي ومحلل اقتصادي وعالم فيزيائي نووي وعسكري وغيرهم، ولعل أخطرهم أولئك التسعة المنتسبون للسلك العسكري لإمدادهم العدو بمعلومات عن الأمن الوطني والعسكري للمملكة.
إن خطر التجسس لصالح دولة معادية لهو أخطر من الإرهاب، فخطر الجاسوس يتجاوز خطر الإرهابي الذي يفجر نفسه معلناً عن نواياه الخبيثة، في حين يعمل الجاسوس في الخفاء بهدف تسليم مقدرات وطنه لدولة معادية. التساؤل هنا، ما الذي يدفع طبيباً أو أكاديمياً أو مصرفياً أو عالماً فيزيائياً أو عسكرياً لأن يتجسس لصاح دولة أجنبية معادية ؟ هل فكر في الأضرار التي قد تحدث لوطنه وأهله جراء فعله؟.
إن السوسة التي تنخر في عقل أولئك الجواسيس ينبغي استئصالها قبل استفحالها لتصبح وباءً يصعب السيطرة عليه، فما الدافع وراء طبيب أطفال تخصصه نادر ومهنته إنسانية من تلك الخيانة العظمى؟، لقد أغدقت عليه الدولة من مقدراتها تعليماً وتأهيلاً ورعايةً وشرفته بأن أمنته على حياة أبنائها، وينطبق ذلك على الآخرين من الخونة سواء كانوا عسكريين أم مدنيين، ما الذي يجعلهم يبيعون أوطانهم بثمن بخس؟، فجميعهم ليسوا بحاجة إلى المال فالدوله أغدقت عليهم ما يكفيهم ويزيد، إذاً ما هو ثمن بيعهم لأوطانهم؟.
كما أوضحت المصادر المعلنة فإن جميع أعضاء الخلية الاثنين والثلاثين هم من الطائفة الشيعية ما عدا واحد سني، وهذا هو الثمن البخس الذي دفع لهم لقاء خيانتهم، إنها الطائفية!. لقد استغل النظام الإيراني ورقته التي أصبحت مكشوفة «التحريض الطائفي «في تجنيد أولئك المغفلين من أجل هدف لم يعد يخفى على أحد وهو السيطرة على المنطقة بأسرها.
إن الكرة في ملعب دول الخليج الآن لمواجهة ذلك المخطط الخبيث، فتكثيف القوانين والتشريعات والأنظمة والإجراءات المناهضة للعنصرية والطائفية في دول الخليج أصبحت أكثر إلحاحاً من ذي قبل لنشر قيم الاحترام المذهبي والعقائدي والفكري والحضاري والعرقي ووضع حواجز تجاه الاختراقات الفكرية لأذهان الشعوب الخليجية التي تتميز بتنوعها فالتنوع واقع، لنجعل منه واقعاً جميلاً يهدف إلى التعايش والانسجام .ولتكن تلك القمة «قمة إعلان اتحاد خليجي» ضد الطائفية والعنصرية بكافة أشكالها ونعراتها المقيتة.