عماد المديفر
نعيش هذه الأيام كخليجيين أعراساً حقيقية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فارسها ملك الحزم والعزم واللزم.. سلمان الحسم. زيارات ملكية أربع متزامنة ومتتالية ومتواصلة. زيارات تاريخية، في لحظة مفصلية، تنبئ بمرحلة انتقالية وشيكة، تنقل دول مجلس التعاون لتصبح أكبر سادس اقتصاد في العالم، ولتعزِّز من قدراتها العسكرية تحت منظومة الدفاع الخليجي المشترك لتحقق الاستقرار في المنطقة وتحافظ على المكتسبات الوطنية ومصالحنا العليا، والحيوية، بالإضافة للمصالح الإستراتيجية والبعيدة المدى لدول المجلس، وهو ما ينعكس بالإيجاب على أشقائنا في بقية الدول العربية الأخرى.
فبالأمس كان مولاي خادم الحرمين الشريفين - أيَّده الله - في احتفالات بهيجة ورائعة وفريدة بين أهله وأشقائه في دولة الكويت الشقيقة عروس الخليج العربي.. أقامها له أخوه وعضيده سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله-، وقبلها كان بين أهله وأحبائه في دانة الخليج العربي في مملكة البحرين بضيافة أخيه وعضيده جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة - حفظه الله -، وقبلها كانت أعمال القمة الخليجية السابعة والثلاثين في المنامة عاصمة ديار آل خليفة العظام، والتي كانت قمة استثنائية وناجحة بكل المقاييس، سواء من حيث نتائج القمة التي كانت بمواكبة مستوى التحديات والمخاطر التي تواجهها المنطقة، أو من حيث مشاركة رئيسة وزراء بريطانيا، وما حملته من دلالات، وما أكدته من تصريحات والتزامات وشراكات، وما أفضت إليه من تفاهمات، وتعزيز للتعاون والتحالفات التاريخية العريقة، أو حتى من حيث التنظيم المبهر والرائع. هذه القمة التي كانت بحق خطوة فعلية نحو الاتحاد الخليجي الذي أضحى اليوم مطلباً شعبياً لدى جميع شعوب دول مجلس التعاون، هذه الشعوب التي تعي اليوم أكثر من أي وقت آخر خطورة التهديدات والتحديات المحدقة الإقليمية والدولية، وتؤمن بأهمية الوقوف صفاً واحداً للحفاظ على مكتسباتنا ومصالحنا ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا، وتتطلع للحظة التاريخية التي يعلن فيها القادة تشكيل الاتحاد الخليجي والذي سينعكس إيجاباً على موازين القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية بما يعزِّز أمن واستقرار المنطقة.
وقبيل القمة كان مولاي خادم الحرمين الشريفين بين أهله في لؤلؤة الخليج قطر، حيث احتفى به أخوه وعضيده سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في احتفال واستقبال رسمي وشعبي بهيج، وقبل ذلك بسويعات كان مولاي - حفظه الله - يشارك أهله وأحبابه وأشقاءه في دولة الإمارات العربية المتحدة أفراحهم وأفراحنا في اليوم الوطني الإماراتي المجيد والذكرى الخامسة والأربعين لقيام اتحاد الإمارات العربية على يد الشيخ زايد آل نهيان وإخوته من الآباء من حكام الإمارات المؤسسين - رحمهم الله رحمة واسعة -، مستلهمين بذلك تجربة الإمارات الوحدوية الفريدة، ومستحضرين إنشاء مجلس التعاون الذي كان الشيخ زايد والملك فهد - رحمهما الله - في مقدمة من دعا إليه بين أشقائهم قادة دول المجلس، حيث التأمت حينها إرادات قادة دول الخليج على إنشاء مجلس التعاون ليكون الإطار المؤسسي لتحقيق كل ما من شأنه الوصول إلى صياغة تكاملية تعاونية تحقق كل رغباتنا وطموحاتنا وعلى كل الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها، وكخطوة رئيسة نحو الاتحاد الذي هو أرقى درجات التعاون، والذي أضحى اليوم ضرورة حتمية لنا، فالنظام العالمي الجديد بات منظومة نظام التكتلات الكبرى، ولم يعد للدول الصغرى من مستقبل في هذا النظام العالمي.
هذه الأعراس والأفراح سوف لن تتوقف اليوم عند أبناء مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ولن نرضى بذلك.. بل ستمتد قريباً بحول الله وقوته إلى أشقائنا وأهلنا في اليمن، يداً بيد.. وكتفاً بكتف.. فها هي الأخبار تتوالى بانتصارات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية وبدعم ومؤازرة من قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، حتى تحقيقٍ كاملٍ لقرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات الحوار الوطني اليمني وبنود المبادرة الخليجية.. وسيفرح المؤمنون قريباً بنصر الله، وينعتق أشقاؤنا من ظلم ميليشيات الحوثيين الخونة.. ميليشيات الرجعية والتبعية والظلام والإرهاب، ومن سطوة «عفاش» ومرتزقته، الذين ساموهم سوء العذاب، وتسببوا في تأخر أحوالهم.. وكلنا ثقة ويقين بأن الله - بمنه وفضله - سيبدل أحوال أهلنا اليمنيين من حال البؤس والفاقة والظلم والشقاء، إلى حال العز والنصر والنماء والتمكين.. وليصبح اليمن سعيداً بحق.. بعزم رجاله.. ودعم أشقائه.. {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} .
يقول زميلي اليمني: «رب ضارة نافعة؛ إذ ثبت للعالم أجمع اليوم أن ميليشيات الحوثي لا تريد السلام ولا الخير لليمن وأهله، إنها ليست سوى أداة من أدوات دولة الشر والإرهاب إيران، أرادت لها أن تكون كحزب الله الإرهابي في لبنان، معتقدة أن اليمن كلبنان، فأنكصهم الله، وخيّب آمالهم، وجعل تدبيرهم تدميراً عليهم وعلى مخططاتهم الإرهابية الخبيثة الجبانة، وعلم الشعب اليمني قبل غيره أن ميليشيات ما يُسمى بـ»أنصار الله» الحوثيين ليسوا سوى دُمَى ومطية جرى استخدامها لعودة الاحتلال الفارسي لليمن العربي، فكنا أول من تصدى لهم، وبعد أن كنّا نظن أن الحوثيين مكون من مكونات الشعب اليمني، تأكدنا الآن أن الحوثيين في الأساس لا يملكون قرارهم، وأنهم مجرد أدوات، وطابور خامس للمحتل الإيراني في مشروعه التوسعي الشيطاني المتمثِّل بتصدير الثورة وبسط نفوذه وتسلّطه على العرب».. ما ذكره صديقي اليمني هو ذاته ما صرح به قادة نظام ملالي الشر والإرهاب أنفسهم، حين رفع عقيرته أشقاهم وقال بأن ما يسميها بـ»الإمبراطورية الفارسية» اليوم تتحكم بأربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء! تلك أمانيهم.. وتلك مخططاتهم.. فخابوا وخسروا وأخزاهم الله، والحمد لله رب العالمين.