فهد بن جليد
في بريطانيا يجمع أكثر من (مليون و200 ألف) شخص بين وظيفتين وأكثر، لمواجهة غلاء المعيشة، وفُحش الأسعار، وتزايد مُتطلبات الحياة، بالمُقابل لا نملك في المملكة مثل هذه الإحصائيات للأسف، وإن كان التغير الذي يشهده المجتمع السعودي واضحا بانعكاسه على وجود أشخاص يُثابرون ويجتهدون طوال اليوم في أكثر من وظيفة -مثل الطيور- التي تغدوا خماصاً وتعودوا بطاناً، بحثاً عن الرزق الحلال في أكثر من مكان ومجال، وهذه بالطبع صورة مُغايرة لتعليقات وسخرية البعض من كسل السعوديين وركونهم للراحة؟!.
الحياة تتطوّر بشكل كبير، أحداثها تتسارع، فصورة الشاب السعودي الذي يجلس أمام التلفاز، ويتنقل بين القنوات الفضائية، ولا يمكن أن يتحرك من منزله أو استراحته إلا للذهاب للمغسلة أو المطعم أو الدوران بسيارته الفارهة وهو يتذّمر من قلة الراتب وكثرة الالتزامات والأقساط، بدأت تتلاشى وتختفي من مجتمعنا تدريجياً، لتحل محلها حقيقة الشاب السعودي الطموح والمُثابر، الذي نفض غبار الكسل والخمول، ونهض لمواجهة الحياة بالجدية اللازمة والأحلام الكبيرة، وهو ما أخرج لنا مشاريع ناجحة تُدِّر (دخولاً إضافية) على أصحابها، فيما يشبه النواة لمشاريع أكبر وأضخم في المستقبل!.
الحقيقة التي أدعو المسؤول والمُشرِّع الالتفات لها؟ هي أن شبابنا اليوم يواجه صعوبات الحياة بعصامية أكثر، مما يتطلب البحث عن مصادر دخل إضافية، ودورنا هنا أن ندلهُ على (الطرق النظامية) التي تساعده، وذلك بتعديل النظام وتكييفه من أجل دعم هؤلاء، وتشجيع غيرهم، للانخراط تحت لواء (البناء والكسب الحلال)!.
النظام يضبط العمل عبر المتاجر الإلكترونية، ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ظهور تطبيقات جديدة لسيارات الأجرة وما شابهها، بدأت المسألة تتعقد قليلاً، مما يتطلب التساهل معهم أكثر، وفتح المجال أمام السعوديين لزيادة دخلهم ومواجهة التقلبات والتغيرات الاقتصادية المُفاجأة، فمن بيننا (شباب من الجنسين) يستحقون لقب (المُثابرون الجُدد) نظير جهدهم المتواصل، ونظرتهم للحياة بحماس وتفاؤل ليخدموا أنفسهم أولاً، ومجتمعهم ثانياً، ويساهموا في بناء وطنهم..
هؤلاء هم الركيزة الحقيقة، والاستثمار الناجح، فلنفكر في تذليل الصعوبات التي تعترضهم، بدلاً من تركهم يعملون دون غطاء مما يهدد حقوقهم، وكأننا نشجع على الاسترخاء والنوم ونحارب الاجتهاد والعمل..؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.