«الجزيرة» - محمد المرزوقي / تصوير - حسين الدوسري:
تواصلت جلسات ملتقى «قضايا اللسانيات والأدب في الدراسات المغربية والسعودية: مقاربات ومراجعات» المنعقد يوم أمس، في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، في الرياض، الذي أقيم ضمن إطار عقد الشراكة بين جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وجامعة محمد الخامس (الرباط) حيث جاءت أوراق الباحثين في محورين رئيسيين، الأول: يستقرئ «الدراسات اللسانية» بهدف تسليط الضوء على الاتجاهات الحديثة في الدراسات اللسانية للسعوديين والمغاربة، والكشف عن جهودهم في التطوير، والمواءمة بين التجديد والتأصيل، والاستفادة من المناهج والنظريات الحديثة وتطويعها لخدمة اللغة العربية.
وقد شهد المحور الأول من الملتقى تقديم أربع أوراق عمل، جاءت أولاها للدكتور محمد غاليم، أستاذ التعليم العالي وأستاذ اللسانيات في جامعة محمد الخامس- الرباط - بورقة عمل عن: (الأسس المعرفية للمعنى اللغوي) قدمها من خلال محورين: محور يتناول تقسيم العمل اللغوي بين وحدات معجمية ونحوية؛ وتخصيص الوحدات النحوية بطبقة من التصورات دون أخرى, ومحور يتناول أنساق ما أصبح يسمى في علم النفس المعرفي: (معرفة نواة)، وهي أنساق تشكل قوام الفكر التأليفي غير اللغوي، وتكشف عنها دراسة البنية التصورية في المعرفة قبل -اللغوية لدى الرضع من البشر. فتعتبر بذلك الأساس المعرفي لطبقة التصورات التي يمكن أن تستعملها اللغات الطبيعية.
كما شارك د. مختار لزعر, أستاذ اللسانيات وفلسفة اللغة جامعة وهران - الجزائر / جامعة القصيم بورقة عنوانها: «الاقتراب التداولي بين المنجزين اللغويين الغربي والعربي: دراسة حول التصور والسياقات التقاطعية» استعرض خلالها بعدي المشاركة والمجاورة القائمة في عالم الوجود الإنساني قاطبة، وذلك من منظور تداوليات الخطاب، وفق ما يقتضيه السياق التحاوري/التخاطبي لا المقامي، مشيرا في هذا السياق إلى أن الفعل الكلامي يكون شموليا على مستوى الخطاب لا على مستوى الملفوظ، قائلا: هذا تماما مثلما نقول: «الخطاب الإشهاري فعلاً كلامياً». فنحن إن أردنا تقريب الشريف الرضي من هيدغر مثلا؛ فإنّه لن يتأتى لنا ذلك حتى نقرب خطاباً من خطاب.
أما الدكتورة نوال إبراهيم الحلوة، أستاذ اللسانيات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، فقدمت ورقة بعنوان: «أثر المدرسة اللسانية المغربية على اللسانين السعوديين د.عبدالهادي بن ظافر الشهري أنموذجًا» تناولت الإنجاز الذي حققه الشهري في البحث اللساني التداولي، الذي نبع عن رؤيته التي لا يفتأ أن يرددها في كتبه ليقينه الشديد بها، قائلة: تقوم تلك الرؤية على ركيزتين: الأولى: استثمار التراث وتأصيل النظرية اللغوية العربية القديمة، أما الأخرى: فتمثل الانفتاح على الآخر وتلقف النظريات الجديدة والبعد عن التصنيف بكل أشكاله.. فيما قدمت الدكتورة زكية السائح، أستاذ اللسانيات بجامعة منوبة، تونس، بعنوان: «مساهمة الأسمائية في إثراء المعجم العربي: دراسة ونماذج» تناولت مقاربة معجمية مغمورة، هي «الأسمائية» التي تساهم بدرجة أقلّ من القواعد النظامية في إثراء كل من المعجم والقاموس، بوصفها ظاهرة لغوية.
وقد تناول ثاني محاور الملتقى «الدراسات الأدبية والنقدية» إذ يعنى هذا المحور بقراءة الإنجاز العلمي والمعرفي للباحثين والنقاد السعوديين والمغاربة في مجالي الأدب والنقد، ورصد دوره في الحراك النقدي، والكشف عن أبرز القضايا التي استأثرت باهتمامهم، وجهودهم في التنظير و مقاربة المناهج، متضمنا أربع أوراق، جاء أولها للدكتور سعيد يقطين , أستاذ السرد والنقد الأدبي بجامعة محمد الخامس بورقة عمل حول: (المصطلح الأدبي العربي والمعرفة الأدبية قراءة في دليل الناقد الأدبي لميجان الرويلي وسعد البازعي) التي يرى فيها أنّ تأليف معاجم المصطلحات الأدبية الحديثة أصبح ضرورة يفرضها تطور اللغة العلمية والنقدية التي يوظفها المشتغلون بالأدب.
من جانب آخر قدم د. صالح الغامدي أستاذ النقد الأدبي الحديث بجامعة الملك سعود، يشارك ورقة بعنوان: «في إشكالية التراث والمعاصرة في الحراك النقدي الأدبي السعودي» إذ اتخذ من الحراك النقدي السعودي موضوعا لقراءة إشكالية التراث والمعاصرة فيه، واختار مؤلفات الدكتور عبد الله الغذامي، بسبب ما يتيحه تعددها وكثرتها واختلاف وجهاتها من خصوبة للقراءة؛ لكونها تجمع بين تعاط للنظرية النقدية الأدبية الحديثة في تجلياتها اللسانية البنيوية وما بعد البنيوية، وتحمُّل لعبء الترسيخ للحداثة والانتصار لها، وبين رغبة ملحة لديه في تسويغها وتبريرها في المجتمع العربي والسعودي بخاصة الأكثر التصاقاً بالتراث وألفة له وتعظيماً للتقليدية حتى في أوساط نُخُبه المتعلمة والمثقفة.
ثم قدمت د. نوال السويلم أستاذ الأدب والنقد المشارك بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ورقة بعنوان: «قراءة في الخطاب النقدي لعبد الفتاح كيليطو» سعت خلالها للكشف عن منجزه النقدي، وقراءة منهجه، وأسلوبه في تحليل النص، وقراءة الموروث بروح عصرية. إذ تتسم الحركة النقدية منذ السبعينيات في المغرب بالميل للتجريب والتنظير، وفيها يصبح النقد الأدبي كتابة ثانية تعيد قراءة الأدب..فيما تلتها ورقة للدكتورة زهور كرام أستاذة التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، بعنوان: «الرواية السعودية ومنطق اشتغال الجنس الروائي» عرضت فيها رهان تجديد الوعي بالجنس الروائي في التربة العربية، باعتماد مفهوم السياق على مفهومين، الأول: من جهة اعتماد التأسيس المعرفي – الثقافي للرواية الأوروبية بوصفه خلفية للرواية العربية، والآخر يتمثل في اعتماد مفهوم المركز في تمثل التجارب العربية.