«الجزيرة» - واس:
مضت الدورة السادسة لمجلس الشورى حافلة بالإنجازات والقرارات التي أصدرها المجلس, والتي جسدت الدور التنظيمي والرقابي الذي يمارسه مجلس الشورى في نطاق اختصاصاته وصلاحياته التي حددها نظامه, وبوصفه شريكًا مهمًّا في صناعة القرار الوطني.. وتتسامى مع النقلة النوعية التي شهدها أداء المجلس وصلاحياته من جهة، والثقة التي يحظى بها من القيادة الرشيدة والمواطن من جهة أخرى.
وقدم مجلس الشورى رؤيته في أداء الأجهزة الحكومية, وأصدر القرارات بشأنها، ورفعها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بوصفه المرجع الأعلى للسلطات في الدولة، بعد مناقشات عميقة لتقارير أداء الوزارات والأجهزة الحكومية بهدف الارتقاء بخدماتها المقدمة للمواطن.
فما يقدمه المجلس هو بمنزلة قرار له قوته وإجراءاته الدقيقة والمحكمة، يصدر بعد دراسات ومناقشات معمقة، سواء في اللجان المتخصصة أو تحت القبة, وذلك إثر دورة عمل نظامية دقيقة، ومناقشات عميقة للموضوعات, واضعًا مصلحة الوطن والمواطن في مقدمة أولوياته؛ الأمر الذي أهّل المجلس ليكون سندًا قويًّا للدولة, ودعامة من دعائم التحديث والتطوير لأجهزتها ومؤسساتها. إن الشأن العام وهموم المواطن والقضايا الوطنية الملحة كانت دومًا على رأس أولويات أعضاء مجلس الشورى, الذين سعوا ويسعون جادين لتلمس حاجات المواطنين الآنية والمستقبلية, وكذلك استثمار التحديات التي تواجه مقدرات الوطن وإنجازاته, وطرحها تحت القبة الشورية مدعومة بمقترحات لمعالجتها, وهي مبادرات من أعضاء المجلس خارج البنود الرئيسة لجدول أعمال الجلسات؛ ما يعكس مدى اهتمام عضو المجلس بهموم المواطن وحاجاته.
وسعى المجلس من خلال مناقشته أكثر من 590 موضوعًا على مدى أربع سنوات لتعزيز مفهوم الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية، كأحد أهم اختصاصات المجلس؛ إذ لفتت قراراته التي تخص تلك الأجهزة النظر إلى العديد من المتطلبات التي قد تنقص تلك الجهات، وتقلل من فاعليتها في تقديم الخدمات المطلوبة للمواطنين. كما سعى المجلس إلى ترسيخ علاقاته بأجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الأهلي, وإقامة جسور من الثقة المتبادلة عبر الزيارات واللقاءات لتلك الجهات للاطلاع عن قرب على خططها ومشروعاتها، وما تقدمه من خدمات للمواطنين، والتعرُّف على احتياجاتها والعقبات التي تواجهها.
ويرصد هذا التقرير الذي أعدته الإدارة العامة للإعلام والتواصل المجتمعي بمجلس الشورى أهم منجزات المجلس خلال الدورة السادسة، التي انتهت في الثاني من شهر ربيع الأول لهذا العام 1438هـ, وتمثلت في حجم القرارات التي أصدرها في جلساته التي عقدها خلال السنوات الأربع الماضية.. وهي إنجازات كانت بحجم العمل الذي بذله المجلس ولجانه المتخصصة في دراسة جميع الموضوعات التي أُحيلت إليه، أو التي تم اقتراحها من أعضاء المجلس بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام مجلس الشورى.
وخلال دورته السادسة أصدر مجلس الشورى أكثر من 590 قرارًا خلال 286 جلسة عامة، منها 109 قرارات تختص بالأنظمة، و251 قرارًا خاصًا بتقارير الأجهزة الحكومية, وإقرار 173 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وقعتها المملكة مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة, و16 قرارًا بشأن المقترحات التي قدمها عدد من أعضاء المجلس لسَنّ أنظمة جديدة، أو تعديل أنظمة نافذة.
ووضع المجلس رؤية المملكة 2030 وخطة التحول الوطني 2020 مرجعًا لقراراته؛ لتتلاءم تلك القرارات مع التطلعات لمستقبل المملكة العربية السعودية، ولتكون خطى التطوُّر متزنة وراسخة, وما يستلزمه ذلك من دراسات مستفيضة للأنظمة واللوائح التي غطت الكثير من المجالات التشريعية، وغير ذلك من الموضوعات التي تساير المتغيرات التي تشهدها المملكة على المستويَيْن المحلي والعالمي.
وفي الجانب التعليمي طالب المجلس وزارة التعليم بإعادة العمل بضوابط الإقامة عند تعيين المعلمات للحد من التنقل اليومي لمقر العمل، وما يترتب عليه من مخاطر، وبتقديم تقرير مفصل عن الأداء التعليمي، والممارسات السلوكية للطلاب والطالبات داخل المدرسة وفقًا للمعايـير المعتمدة. كما طالب وزارة التعليم بمراجعة خطط الوزارة الخاصة بالمباني المدرسية لتحقيق جودة عالية في الجانبَيْن الكمي والنوعي، والعمل على معالجة تعثُّر المشروعات, بإيجاد فرص وظيفية لخريجي وخريجات كليات المجتمع, بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وكذلك بتفعيل مكاتب الخريجين في الجامعات، إضافة إلى تضمين تقارير الوزارة القادمة معلومات مفصلة عن مخرجات الجامعات، ونِسَب توظيف الخريجين في كل تخصص.
وفي جانب التدريب التقني والمهني طالب المجلس بإنشاء هيئة سعودية للتخصصات الفنية والتقنية المساعدة.
ويأتي في مقدمة الموضوعات من حيث الأهمية التي تلامس هموم المواطنين مشروع نظام فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي بذل فيه المجلس جهدًا واضحًا، وأنجزه خلال مدة قصيرة وفقًا للتوجيه الكريم الذي قضى بإنجازه خلال ثلاثين يومًا من وروده إلى المجلس.
وفي هذا السياق شدد المجلس في قرار آخر على وزارة الإسكان أن تقدم خططها الزمنية، والمكانية، والعمرانية؛ لتوفير المنتجات السكنية للمواطنين، وشدَّد على ضرورة الإسراع في تجهيز ما لديها من أراضٍ، ووضع برنامج زمني لتوزيعها على المواطنين. كما طالب بتعزيز دور القطاع الخاص في المساهمة بتوفير الوحدات السكنية بأسعار مناسبة، وتقديم حزمة من الحوافز والتسهيلات اللازمة لذلك. ودعا الوزارة إلى فصل قوائم الانتظار على بوابتها الإلكترونية بحيث يعجل الإقراض للراغبين في شراء وحدات سكنية من القطاع الخاص، ودعم البند المخصص لذلك من المبالغ المعتمدة. وطالب المجلس وزارة الإسكان بتوضيح الالتزامات المالية التي ستترتب على مستحقي السكن لأي من منتجاتها، وبإسناد تطوير الأراضي للمطورين العقاريين، إضافة إلى التخطيط والبناء ضمن مشروع الشراكة مع القطاع الخاص، وذلك في إطار مفهوم التطوير الشامل. كما طالب المجلس بتحديث شروط القرض من صندوق التنمية العقارية بناء على الظروف الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية المستجدة للمجتمع السعودي، ومساواة المواطنة بالمواطن في جميع شروط الحصول على القرض، كالسن، والحالة الزواجية، وغير ذلك.
كما طالب الصندوق بالتنسيق مع وزارة الإسكان لإيجاد حلول سريعة للمواطنين الذين تمت الموافقة على حصولهم على قروض من الصندوق، وليس لديهم أراضٍ, والتشديد على البنوك التجارية المتعاونة مع الصندوق بالالتزام بشفافية شروط الإقراض العقاري للمواطنين. كما دعا المجلس إلى التنسيق مع وزارة الإسكان في معالجة ما يواجه الجهتين من تداخل في الاختصاصات والمهام بعد صدور تـنظيم الدعم السكني.
وقرر المجلس الموافقة على مشروع الاستراتيجية الوطنية للإسكان مشترطًا أن تُستوفى ملحوظات عدة، منها: ضرورة التنسيق مع الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والقطاع الخاص، وإعادة تقويم التحليلات المالية الواردة في الاستراتيجية، بما في ذلك ما يتعلق بالأعباء المالية على المواطنين، ودور الأسواق الثانوية في توفير السيولة، ودور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في توفير المساكن، وإدارة المخاطر. كما اشترط إيضاح آليات توفير المساكن لذوي الاحتياجات الخاصة، والأرامل، والأيتام، والمطلقات بدون عائل، ضمن متن الاستراتيجية.
ولاحظ مجلس الشورى توسعًا كبيرًا في نفقات صندوق الموارد البشرية على برامجه التدريبية؛ فأصدر المجلس قراره الذي دعا فيه الصندوق إلى ترشيد نفقات برامجه التدريبية, وتكاليف البحوث والدراسات, وأن يضمن في تقاريره القادمة بيانات تفصيلية عن تكاليف البرامج, والجهات المنفذة لها. وفي قرار آخر دعا «الشورى» الصندوق إلى زيادة الاهتمام بالمنشآت الصغيرة ودعمها؛ لتوفير بيئة عمل مناسبة وجاذبة للكفايات الوطنية، وتعزيز استقرارها الوظيفي.