د.عبدالعزيز الجار الله
التراث الحضاري من أهازيج وقصائد شعر شعبي وعرضة ورقصات فولكلورية ومسيرات حاضرة وبادية وقوافل الخيول والإبل والمسيرات الراجلة هي تكوينات ثقافة أبناء الجزيرة العربية التي استقبل بها الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في الإمارات وقطر والبحرين والكويت، هذا الاستقبال الرسمي والشعبي ليس من الاستقبالات الطارئة أو العروض المعزولة عن محيطها هي إرث قديم لحكومات وشعوب عريقة ومتجذرة في صحرائها ومياه خليجنا الدافئ ، فنحن لا نخجل من الصحراء وثقافة ومفردات الرمل، ولا نخجل من زبد البحر ومائه المالح ولا من تهذيبات خلجاننا الحادة، ولا نخجل من وهدة الأرض وبطحاء الأودية والأرض الكلسية والسبخات التي تولد بعد الأمطار الغامرة، لا نخجل من السيف ولا قارع الطبل الذي يستثيرنا في المواجهات ولا من صوت ابن البادية الذي يصرخ في أعماقنا ذئب وعواء وصوت الأزمنة، ورائحة الزراع من يحرث تربة الواحات ويزرع النخل، نحن نفخر بكل تراثنا حين كان الأجداد يحملون باليد معول الزرع وعصا الرعي وشباك صيد البحر ونوق الصحراء وأغمار الحطابين وباليد الأخرى سلاحاً يحمي أرضه وعرضه من غزاة يأتون من وراء البحار ومن شمال بادية جزيرة العرب ليتمددوا بإمبرطورياتهم وقضم أرض الجزيرة.
تراث في استقبال الملك سلمان - حفظه الله- هي خليط مشاعر أبناء الخليج وتعبير من ملك الحزم سلمان عن القوة والحزم في مواقفه، وعن شفافيته ووضوحه عندما خرج على الشاشات بين حكام وأهالي الخليج العربي حاملاً سيف الحرب وسيف العدل وسيف المحبة: تلويحة اليد تلويحة لمن أراد السلم والصداقة .
تلوحية (الومى أو الومي) الإيماء تلويحة المحبة.
رقصة السيف هي رقصة الحرب أبعد الله عن بلادنا وخليجنا الحروب.
إذن استعادة التاريخ واستنطاقه واستلهام التراث ليس حنيناً للماضي أو تداول حكايات الأمس إنما هي تذكير أنفسنا وتذكير مَن حولنا أن الخليج العربي لا ينسى تاريخه وأن دوله تعافت من ضغوط ربيع العرب أو حرب أهلية العرب، وأن حكومات وشعب الخليج تتمتع بصحة عالية وشهية مفتوحة للتنمية والاقتصاد، فالخليج لم يحتفل على مواجع الآخرين لكنه يظهر حجم مناعته واستعداده لمواجهة المتغيّرات، العرضة الخليجية ليست استعراضية إنما هي رسالة لمن أردها رسالة، وإرث حضاري يذكِّر ببناء هذه الدول في التاريخ الحديث.
نحتاج مثل هذه اللقاءات الاجتماعية والثقافية بين القيادات والمبدعين وناشري الفرح والمتفائلين ومن يملكون القدرة على إظهار تلك الروح المتماسكة والقوية على الخصوم وروح المحبة مع مجتمعاتها .