صيغة الشمري
لم يكن وزير العمل الجديد بحاجة لإطلاق التصاريح قبل أن ترى الناس عمله، خصوصاً أننا في عهد قيادة جديدة - حفظها الله - تولي أهمية للفعل قبل القول، وتهتم بالشباب الذين هم الشريحة الأكبر والأهم في بناء المجتمعات، وسبب من أسباب نجاح التنمية فيها، عندما يتحدث رجل دولة مثل الدكتور علي الغفيص وزير العمل والتنمية الاجتماعية، عن ضرورة تقليص القبول بالجامعات السعودية إلى 50%، فكيف نعتب على المواطن العادي أو المسؤول الأقل مرتبة من وزير العمل، القضاء على البطالة الذي يريده وزير العمل أو تلبية احتياجات سوق العمل، لا يتم حلهما بتقليص القبول الجامعي والقذف بشبابنا في براثن الجهل وضيق الأفق، ليصبحوا لقمة سائغة لدعاة التطرف، وعرضة للتغرير بهم وجرهم نحو إقصاء الآخر وعدم القدرة على التعايش، ما الذي يضر بسوق العمل واحتياجاته لو أصبح جميع أبنائنا يحملون شهادات جامعية، لأنه ليس من العيب ولا النقص أن يكون هناك شاب جامعي يعمل في وظيفة مهنية بسيطة، يريد معالي الوزير أن يشغلها حملة شهادة الثانوية العامة، الخبرة الإدارية في مجال التعليم المهني التي يملكها الوزير وحميته تجاه المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، والتي عمل محافظاً لها، يبدو أنها هي التي دفعت به لإطلاق مثل هذه التصاريح غير المدروسة أو غير الدقيقة، والتي ما كان ملائماً التحدث بها دون فهم أبعاد ردة فعلها، خصوصاً في زمن وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من الصعب جداً التنبؤ بحجم رد فعل الرأي العام خصوصاً في مجالات مثل الصحة والتعليم، التعليم الجامعي هنا حق مشروع لكل مواطن ولا علاقة له بسوق العمل، كما أنّ سوق العمل لا علاقة بالتعليم الجامعي، ومن حقه وضع الشروط التي يراها لضمان نجاحه، ما الذي يضرنا لو الجميع من أبنائنا يحملون شهادات جامعية؟؟؟ ترفع معدّل وعيهم وإحساسهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم ومجتمعهم، ليس من حقنا التحدث عن تقليص القبول الجامعي مهما كانت ظروف سوق العمل، التعليم الجامعي ليس هدفه الوحيد هو الحصول على وظيفته والركون إليها، هو حلم كل مواطن، كثيرون يبحثون عن شهادات عليا لا علاقة لسوق العمل بها، أعتقد جازمة أنّ هذا التصريح هو الأول من نوعه بين جميع مسؤولي العالم، في زمن نحلم فيه أن يرتفع لدينا معدّل حملة الشهادات الجامعية، يأتي من يطالب بالعكس متناسياً أنّ هدف التعليم الجامعي لدينا أكبر بكثير من متطلبات سوق العمل!