محمد بن علي الشهري
جرى العرف على أن الانتخابات عادة لا تمكّن الأكفأ والأجدر من الكسب إلا في حالات شبه نادرة. هذا على نطاق المجتمعات ذات العراقة الانتخابية، فما بالنا بمجتمعنا الرياضي حديث التجربة الانتخابية التي لا تزال تستمد معظم أدواتها من التقاليد المجتمعية البالية، حتى على صعيد التكتلات التي تم ويتم إخضاعها - كما يتضح - لمبدأ (أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب)، مع أن المسألة لم تعد تستدعي مثل هذا النوع من المفاهيم، بقدر ما تستدعي سعة الأفق، وتحكيم العقل، والنظر إلى كل ما يخدم المصلحة العامة وليس المصالح الخاصة، أعني تلك المصالح التي تجرعنا مرارة إفرازاتها وانعكاساتها على مدى السنوات الأربع الماضية؟!
لا شك في أن كل واحد من الأربعة الذين يتجاذبون أطراف التنافس حاليًا على الظفر بالكرسي الأول في
مجلس الإدارة القادم قد دوّن في ملفه الدعائي الشيء الكثير من الوعود والتأكيدات أنه القادر على حل المشكلات كافة التي تحيط بكرة القدم السعودية، وأنه القادر على انتشالها، ووضعها في مكانها الصحيح، وأنه، وأنه، وأنه..
وبما أننا على أعتاب نقلة مرحلية جذرية جديدة على مستوى العديد من المجالات، بما فيها الشأن الرياضي، في سبيل مواكبة المستجدات والمتغيرات، ولأن ممارسة لعبة (التربيط) الانتخابي قد بدأت تطفو على السطح شيئًا فشيئًا، ولكيلا نكرر تجربتنا المأساوية الشكلية الأولى انتخابيًّا، التي اقتصرت ثمارها وفوائدها على الفئة التي فرضت كلمتها، فيما ذهبت كل الوعود ومعها الكثير والكثير من حقوق الأطراف الأخرى والمصالح العامة أدراج الرياح؟! هنا يأتي الدور المفترض للجنة الأولمبية باعتبارها المرجع الرسمي، بل المسؤول الأول والمعول عليه في توجيه الأمور في اتجاهاتها الصحيحة، فضلاً عن كونها تمتلك خمسة أصوات، من شأنها أن تساعدها على تحقيق الغاية المرجوة من ممارسة الانتخابات، ومن نتائجها على المديين القريب والبعيد.
وليس بالضرورة أن يكون الأعلى سقفًا والأكثر وعودًا، أو الأبرز (هيلمانًا وحاشيات دعائية)، هو الأجدر والأكفأ لتحمل المسؤولية.. لذلك فإن على اللجنة الأولمبية التمحيص والتدقيق جيدًا في ملفات الأربعة وسيرتهم الذاتية، ومن ثم دعم المرشح الأكثر واقعية ومنطقية، الأقرب لإمكانية تنفيذ العدد الأكبر والأهم من بنود برنامجه الانتخابي حتى وإن لم يكن مرشحها.. لأن من شأن دعم الأجدر والأكفأ والأصلح لكسب السباق أن يساعدها هي مستقبلاً من خلال نجاحه في تحقيق أكبر قدر ممكن من التطلعات،
وفي الحد من المشكلات التي كثيرًا ما تجاوزت نطاق اتحاد اللعبة؛ وبالتالي إتاحة المزيد من الجهد والوقت للهيئة العامة للرياضة؛ كي تمارس مهماتها الكبرى، بدلاً من إهدارها في معالجة قضايا ومشكلات إدارة اتحاد كرة القدم كما جرت العادة.
خلاصة القول: دعوكم من أصحاب الهيلمانات والوعود البراقة والخيالية التي يعلم أصحابها قبل غيرهم
أنهم لن ينفذوها، وأنها مجرد وسيلة لتحقيق غاية.. والأهم من هذا كله لا بد من إدراك حقيقة أن الانتخابات (أمانة) وخدمة مصلحة عليا، وليست هدايا و(شرهات)، ولا (امسك لي وأقطع لك).