فهد بن جليد
في الغرب يُطبِّقون نظرية (السلام نظر) بكل حذافيرها، فمهما تفرَّق الناس وباعدت بينهم ظروف الحياة، يُغني عند اللقاء رفع الحاجبين مع تنهيدة بسيطة وابتسامة مقرونة بعبارة (أوووه هاي هواريو)؟ عن معركة جسدية عنيفة في ثقافتنا الخليجية والسعودية خصوصاً، بعناق عشوائي (مُلزم) لا تعرف من أين يبدأ بغض النظر عن مدة الغياب؟!
ناهيك عن العبارات والتمتمات و(عشرات الأسئلة) التقليدية التي نُردِّدها ونلقيها أثناء السلام، دون انتظار إجابة من الطرف الآخر، وكأنّنا لا نقصد فعلاً الاطمئنان عمّا سألنا عنه؟ فهذه الأسئلة المُتطايرة يقابلها أسئلة أخرى، توحي بأنّنا مجتمع يحب (التساؤل السريع) كتحليلة قسَّم على طريقة (شلونك؟ وش أخبارك؟ وش علومك؟ بشرني عنك؟ بشرني عن صحتك؟ وش أخبار الأهل والأخوان والجماعة؟ خوالك جاكم منهم؟ عمّانك وشلونهم؟ .. إلخ)؟ وذات الأسئلة للشخص الذي يليه، ثم الذي يليه وهكذا ..
أرجو أن لا يُغضب كلامي أحداً، فأنا ابن المجتمع وأجد نفسي أُمارس ذات الأخطاء، ولكن يجب أن نبحث عن حلول، ونفكر في طرق أفضل للسلام تحافظ على هويتنا الإسلامية، وثقافتنا الحميمية عند اللقاء؟ وتكون فعّالة حتى لا نجد أن جيلاً جديداً (ملّ) من هذه الطرق التقليدية، وبات له سلامه الخاص المُتحرِّر بدأً من (ملامس) أطراف الأصابع، وانتهاءً بـ (قفمي فايف) وأخواتها؟!
لا توجد قاعدة مُلزمة للسلام يجب اتباعها أثناء لقاء من نحب، لدينا أكثر من 5 طرق تقليدية مُختلفة للسلام في مجتمعنا؟ بدأ من (حب الخشوم) أو ملامستها على أقل تقدير، وصولاً (للعناق) بشتى صورة، ما نحتاجه هو أن نمنح سلامنا (قيمة أكثر)، فالأفضل برأيي أن نقصر عباراتنا أثناء العناق على (الترحيب والتعبير عن المودة والفرحة باللقاء)، ونترك الأسئلة لحين الجلوس، لتكون فعلاً مقصودة ومُعبِّرة ولها قيمة وإجابة تزيد من لحمتنا..!
الأمر تطوَّر عن عند بعض (فئات المجتمع) وكأنَّك تخضع (لاستجواب أو تحقيق) بعد (ديباجة) وش لونك الشهيرة؟ على طريقة (عمك ناصر ما برّح على حاله؟ أختك ساره ما أعرست عقب رجلها الأول؟ هالحين عيال عمكم ساكنين آجار ومزرعتهم فاضية؟ إلا كم طاح من راتبك؟ خالك محمد وش الدنيا به على خباله لهالحين ما عقَل ... إلخ)!
هناك من يتجنَّب المجالس واللقاءات بسبب تلك الأسئلة المُحرجة، أسألني عمّا يجمعنا لا ما ينفرّنا، فلا علاقة لي بارتفاع سعر (صندوق الطماط) أو سبب العلاقة المتوترة بين (خالتي جهيِّر) وزوجها.. يا رعاك الله؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.