د. ناهد باشطح
فاصلة:
((ليس ثمة طريقة وحيدة لدراسة الأمور))
- حكمة يونانية -
ما الذي يجعلنا نستغرق في التفاصيل ونغيب عن الفكرة الرئيسة وملامح اللوحة الأساسية؟
إنما هو القلق والاستسلام للبرمجة التقليدية القديمة!
إذا أردت أن ترى أي لوحة فعليك ألا تلصق عينيك بها بل اجعل بينكما مسافة مناسبة لتستطيع النظر وفهم ملامح اللوحة بل والاستمتاع بجمالها.
حتى في القصص التاريخية لن تستطيع استخراج الحكمة ما دمت غير قادر على استيعاب السيناريو كاملاً.
على سبيل المثال، قصة يوسف عليه السلام لن تستطيع استيعابها إذا لم تخرج من الأحداث الدراميتيكية إلى استيعاب الصورة بشكل كلي دون التوقف والاستغراق في الأحداث.
الانشغال بالتفاصيل أيضاً يقتل الإبداع والقدرة على استباط الرسائل الموجهة إلينا من خالق الكون إذ يجعلنا مشتتي الفكر.
في رأيي من أهم ما يمكن أن يحقق لنا طموحاتنا هو مكافحة القلق والتمسك بالهدوء لنستطيع أن نفهم أكثر ما نطلبه في حياتنا وليس ما حصل عليه الآخرون.
الاستغراق في الجزئيات الذي يوازي مفهوم الدقة مختلف، حيث هو متطلب لبعض المهن إنما أتحدث عنا وكيف نقرأ المواقف في حياتنا ونتأمل الصور جميعها التي هي رسائل لنا من الخالق نحتاج فقط أن نهدأ لنقرأها.
الآخرون بنجاحاتهم أو اخفاقاتهم جزء من الصورة إنما نحن من يرسم الإطار ويكتب التفاصيل المتعلقة بك وليس بهم.
لذلك فالمتعة في عيش تفاصيل اللحظة الخاصة بنا والتي نفسدها انتقالنا إلى تفاصيل الآخرين، بل والاستغراق في أحداث حياتهم وهو ما يفقد الإنسان لذة عيش الحاضر واستقبال عطايا الخالق.
وحتى على مستوى الحوار تفقدنا التفاصيل الوصول إلى تحسين للأفكار المطروحة
هذه التفاصيل التي كرستها في حياتنا الأغاني التقليدية المشحونة بالعاطفة الدرامية أكثر من التفكير الشامل. لذلك تمر بنا مواقف كثر لا نستطيع أن نفعل شيئاً لإنسان يعاني إنما نستطيع أن نحكي قصته بل ونبكي بينما هو في آخر الطريق ينتظر أن نفعل شيئاً لكننا لا نفعل!!!