«الجزيرة» - المحليات:
اعتبر مسؤولون وأعضاء مجلس شورى، تضامن العالم الإسلامي مع المملكة العربية السعودية في حربها المستمرة ضد الإرهاب، دلالة على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لمكافحة هذه الآفة بكل السبل الفكرية والعسكرية والاجتماعية، التي من أبرزها إنشاء التحالف الإسلامي ومركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع في المملكة، مشيرين إلى أن إشادة مؤتمر التصدي لخطر التطرف والإرهاب الذي أقيم مؤخراً في العاصمة الماليزية كوالالمبور، تعطي مؤشراً على تفهم دول العالم لهذا الدور الكبير، ويشجع على اتخاذ خطوات أكبر في التصدي للفكر الإرهابي وحماية العالم منه. مؤكدين على أن المملكة هي من أوائل الدول التي تصدت لظاهرة الإرهاب، وحذرت العالم منها، وقامت بخطوات عملية مؤثرة على مختلف الأصعدة لمحاصرة هذا الفكر، وحماية شباب الأمة والعالم من هذا الداء، ومن أهمية هذه الخطوات إنشاء التحالف الإسلامي المكون من أكثر من 40 دولة، وإنشاء مركز للحرب الفكرية في وزارة الدفاع.
حيث قال الدكتور هادي بن علي اليامي عضو مجلس الشورى رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية في جامعة الدول العربية، إن المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أدركت حقيقة الحرب الفكرية - إن لم تكن أولها على الإطلاق، وتوجت ذلك العمل بإنشاء التحالف الإسلامي الذي سيكون - بإذن الله - بمثابة الطوق للدول الإسلامية والعالم للتخلص من هذا الوباء، لأنه يقوم على عزيمة صادقة، وبعد علمي وشرعي دقيق، ورؤية واضحة، تستهدف تخليص المفاهيم الإسلامية الصحيحة من الاختطاف من قبل فئات ظلت سبل الرشاد، ووظفت الفهم الخاطئ من قبل بعض العامة والشباب في أجندات سياسية هدفها تقويض الاستقرار في الدول العربية والإسلامية، في حرب أراد دعاة الضلال إشعالها واستغلال العامة والشباب الغر وقوداً لها لتحقيق أهدافهم، باستخدام ذرائع واهية وأدلة متهافتة ونصوص مجتزأة من سياقها.
واتفق الدكتور مشعل بن سعود آل علي عضو مجلس الشورى السابق، مع رؤية اليامي، مبيناً أن تفاعل دول العالم مع التحالف الإسلامي، والتعاون مع القائمين عليه سيكون بداية المواجهة الحقيقة لهذه الآفة التي لا تعرف ديناً، ولاعرقاً، ولا بلداً بعينه، مشدداً على أن الفكر الإرهابي يستغل الصمت الذي تمارسه بعض النخب، وأحياناً التهاون الدولي مع الدول التي تعمل بقوة لمواجهته، في تمرير أجنداته.
وقال الدكتور آل علي: إن خطوة تأسيس التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب هو الخطوة الأولى في سياق الحرب الحقيقة على الإرهاب، خاصة في ظل استغلال دول ومنظمات معادية لانتساب بعض أبناء العالم الإسلامي للفئات الضالة، وبالتالي العمل على محاولة تعميم صفة الإرهاب على كل ما هو إسلامي، وهو تعميم لن يتصدى له إلا أبناء العالم الإسلامي من خلال هذا التحالف لتجلية المواقف، وكشف الشبهات فكرياً وإعلامياً، والتصدي عسكرياً في مراحل أخرى.
في ذات السياق قال الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان مدير جامعة الطائف ومدير مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم: إن التجربة السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب رائدة وفعالة وحققت نتائج قوية ومتقدمة في القضاء على قيادات التنظيمات المتطرفة، وتفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف منابع الإرهاب، وتضييق الخناق على المنظرين الراديكاليين، وتشديد العقوبة على الموالين والمتعاطفين، وكذلك محاربة الفكر المتطرف بطرق ووسائل تتسق مع معطيات العصر الحديث. وإردف أن لا عجب أن تشيد الدول والمنظمات والمؤتمرات الدولية بالجهود السعودية وتقدمها كنموذج يحتذى به في مكافحة التطرف والإرهاب.
وحول خطوة تأسيس مركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع، قال الدكتور مشعل بن سعود آل علي: دائماً هناك قول إن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، والعمل على فضخ الخلل الفكري الذي يستغله العمل الإرهابي هو الخطوة الأولى لنسف هذه المفاهيم الضالة، ثم الخطوة التالية تعزيز قدرة أبناء العالم الإسلامي على مواجهة مد الفكر الإرهابي ونبذه، ثم العمل على التصدي لأي محاولات اختراق للعالم الإسلامي من خلال نافذة الإرهاب، وفضخ أي ممارسات تحاول استغلال مثل هذه الأعمال في طمس دور الأمة العربية والإسلامية في الحضارة العالمية، ودورها في الاستقرار والتنمية في العالم.
وحول أهمية دور رابطة العالم الإسلامي في هذا الوقت تحديداً، قال الدكتور هادي اليامي رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية في جامعة الدول العربية، إن الرابطة ينتظر أن تضطلع بدور ريادي في المواجهة مع الإرهاب وتحصين العالم الإسلامي من هذا الداء، معتبراً أنها مؤسسة علمية وشعبية عالمية، ولها وجود في أغلب عواصم العالم، وكانت ورقتها مؤثرة وشرحت الداء بكل دقة، وهي من المؤسسات التي نعول عليها كثيراً.
في ذات الاتجاه نوه الدكتور مشعل بن سعود آل علي برابطة العالم الإسلامي مشدداً على أن قيادتها الحالية، أعطت إشارات على دورها القادم، وحضورها الفاعل في مؤتمر التصدي لخطر التطرف والإرهاب في كوالالمبور أكبر دليل على توجهها الحالي بالاضطلاع بهذه المسؤولية بكفاءة.
وفيما يتعلق بالحرب الفكرية التي دشنتها المملكة من خلال مركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع قال الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان مدير جامعة الطائف ومدير مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم، إن النهج السعودي في مكافحة الإرهاب لم يقتصر على البعد الأمني بل كانت المواجهة الفكرية والتصدي لجذور الإرهاب الفكرية من خلال عديد من المنابر والحملات والمراكز المتخصصة مثل مركز الحرب الفكرية وقد حققت المواجهة الفكرية، نتائج جيدة مشدداً على أهمية محاربة الفكر بالفكر وهي تضاهي المواجهة الأمنية فكشف وتعرية أدبيات وأهداف الفكر المتطرف، والدول الحاضنة والراعية لرموز هذا الفكر الدموي أمام المجتمعات، وتبيان المبادئ الأساسية للوسطية، سيكون لها نتائج إيجابية في المستقبل القريب.
وأشار مدير جامعة الطائف إلى أهمية وجود استراتيجية إسلامية لتفعيل دور التعليم في مكافحة الإرهاب وترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح والاعتدال وقبول الآخر، ونبذ الغلو والتطرف بشقيه اليمين واليسار عند النشء، حيث تعتبر المدرسة عنصراً قوياً في تشكيل وصياغة مفاهيم وشخصية الفرد وبالتالي ستنعكس هذه المفاهيم في حياته المستقبلية. وأردف أن استئصال هذا الورم «السرطاني» يأتي بالوعي والعلم الصحيح بتعاليم ديننا الحنيف كدين سلام وتسام.
ونوه الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان بدور رابطة العالم الإسلامي في المواجهة المقبلة مع الإرهاب، مبينا أن الرابطة تدخل مرحلة مهمة في تاريخها، تتطلب القدرة على الوصول إلى الشباب الإسلامي في مختلف دول العالم، وتحصينهم ضد التطرف والإرهاب، وحمايتهم من المنظمات الهدامة، من خلال أسس علمية تركز على تعزيز مفاهيم التسامح والوسطية التي يتميز بها الدين الإسلامي الحنيف، وقطع الطريق على كل يحاول ضرب الأمة بأغلى ما تملك وهو عنصر الشباب.
وكان المؤتمر قد سلط الضوء على المفهوم العام للوسطية في الإسلام، وفلسفة ومبادئ الوسطية، والآلية الدفاعية الواجب اعتمادها للتصدي لحركة التطرف التي تواجهها الأمة اليوم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التجربة الماليزية لتحقيق التقدم والازدهار منذ نيلها الاستقلال واعتمادها الوسطية نهجاً ثابتاً وراسخاً. وتناولت المؤتمر مكونات الوسطية كالعدالة، والتوازن، بالإضافة إلى إمكانية إدراك المعنى الحقيقي لمفهوم الوسطية من خلال القدرة على الرفض الفوري لأي شكل من أشكال التطرف سواء كان تطرفاً راديكالياً أو تطرفاً ليبرالياً، ورفض أي شكل من أشكال القسوة أو الأذى تجاه الأفراد، وتفهم الأولويات المتعلقة بالصورة الشمولية للوسطية، وتجنب سوء الفهم أو المفاهيم الخاطئة حول بعض القضايا.
وأشارت جلسات المؤتمر إلى العديد من المفاهيم الخاطئة التي أضرت بمفهوم الوسطية كالقصور في فهم فقه ترتيب الأولويات في الإسلام، والقصور في وضع تعريف محدد وواضح للوسطية، مشيرين إلى أن الوسطية لا تعنى أن يكون الشخص متحرراً، بعيداً عن التعاليم الإسلامية الصحيحة، فيما طالب المتحدثون في المؤتمر بمواجهة الإرهاب من خلال التصدي لجذور الفكر المتطرف وأن يكون نهج المواجهة شمولياً، من خلال الفهم الشامل للشريعة الإسلامية بأكملها، وهو ما جعل المؤتمر يثني على فكرة وتجربة مركز الحرب الفكرية بوزارة الدفاع في المملكة العربية السعودية بوصفه مركزاً عالمياً يعتمد اقتلاع الأفكار والنظريات والشبه الإرهابية والمتطرفة من جذورها.
وحول مساهمة الوسطية في مكافحة الإرهاب والتصدي له، أوضح المتحدثون بالمؤتمر بأن التسامح وفهم الآخر وقبوله، والعودة للمبادئ الأساسية للوسطية، وتحقيق التوازن والشمولية في جميع نشاطات الأفراد وكافة مناحي الحياة الاجتماعية، والاستعداد للانفتاح نحو الأفكار والأشخاص المختلفين وتقبل الآخر للتعايش والتعاون الإنساني لتحقيق المصلحة الإنسانية؛ من أبرز الطرق التي من الممكن الاستفادة منها في هذا الشأن، منبهين إلى أهمية وجود استراتيجية تركز على تحسين مستويات حياة الأمة، ووضعها في المقام الأول من حيث تطوير قطاع التعليم، وتطوير رأس المال البشري، والقطاع الاقتصادي، والنظام المالي، وكذلك نشر المعرفة وتعزيز وحدة الأمة.
وخلص المتحدثون خلال جلسات المؤتمر إلى أن الجهل هو السبب الرئيس لجميع الآفات التي تصيب النفس البشرية، حيث ينبغي نشر الوسطية على كافة المستويات لمكافحة التطرف والتغلب عليه.
وأكدت جلسات المؤتمر أن الإرهاب ليس مجرد فعل بل فكر وأيدولوجيا، مؤكدة أهمية الفهم الشامل لهذه الايدولوجيا ومنظومة الفكر والعودة مباشرة لمراجعهم ونصوصهم وليس إلى تفسير الآخرين لهذه النصوص، وهو ما تضطلع به حالياً فكرة مركز الحرب الفكرية بوزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية.
وتطرق المؤتمر إلى انتشار التنظيم الإرهابي (داعش) وتمدده، وتم استعراض التهديدات الإرهابية الجديدة يتمثل في تحول الصراع السوري من تهديد واحد إلى عدة تهديدات، والتحول من الدولة إلى حالة الفوضى، ومن الأجهزة الإلكترونية إلى الفضاء الإلكتروني، ومن القوة العسكرية إلى قوة الأفكار، ومن العمل كمجموعات إلى مفهوم «الذئب المنفرد»، ومن وسائل التواصل الاجتماعي إلى تطبيقات الهاتف المتحرك؛ ما يؤكد الحاجة إلى تغيير نموذجي لفهم ديناميكية القضايا الأمنية الناشئة، عبر استشراف التحديات وصياغة الحلول المناسبة للتصدي لها قبل وقوعها.
وخلص المؤتمر إلى أن مواجهة الإرهاب تتطلب استخدام قوة ناشطة، وتكثيف الاستثمار في النفقات العسكرية والأمنية، وضرورة وجود استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب، مؤكدين أهمية وجود مبادرات لمكافحة الفكر المتطرف تكبت صعود التيارات المتطرفة وسوء فهم دين الإسلام.
وشدد المؤتمر على أهمية تبني استراتيجية لمحاربة الإرهاب لا تغفل الوقاية من التطرف والحيلولة دون انضمام الأفراد للجماعات المتطرفة، مؤكداً على أهمية المعركة الفكرية وخلق شعور بالانتماء والترابط داخل الدول والمجتمعات الإسلامية، مع التركيز على قطاعات التعليم والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، والتركيز على أهمية فهم رسالة الوسطية.
وطالب المؤتمر بتطبيق مفهوم الوسطية لمواجهة التطرف، ودعم القيم الشاملة للإسلام ونبذ التفسير الخاطئ لمفاهيمه، والاستفادة من التجربة الماليزية كوسيط نشط في محادثات السلام في المنطقة، بالإضافة إلى الحاجة إلى تعزيز رأس المال البشري لمواجهة التطرف من خلال خلق شراكة استراتيجية بين مختلف التخصصات وأفراد المجتمع في مكافحة مواطن الضعف، وجعل المبادرات القائمة على المجتمع لمكافحة الإرهاب تتضمن شراكة مع المؤسسات الحكومية في كافة الدول الإسلامية.
يشار إلى أن لتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب هو حلف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية، يهدف إلى «محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبها وتسميتها. ويضم التحالف العسكري يضم 40 دولة مسلمة، ويملك التحالف غرفة عمليات مشتركة مقرها الرياض. ويعمل على محاربة الفكر المتطرف، وينسق كافة الجهود لمجابهة التوجهات الإرهابية، من خلال مبادرات فكرية وإعلامية ومالية وعسكرية، ويرتكز مجهودات التحالف على قيم الشرعية والاستقلالية والتنسيق والمشاركة، وسعى إلى ضمان جعل جميع أعمال وجهود دول التحالف في محاربة الإرهاب متوافقة مع الأنظمة والأعراف بين الدول. ويهدف التحالف إلى تحصين الشباب المسلم من خلال التنسيق بين دول التحالف لإطلاق مبادرات فكرية من خلال مركز الحرب الفكرية الذي يطلع بدور محور في التحالف الإسلامي. بالإضافة إلى تطوير الآليات للتعامل الإعلامي مع الفكر الإرهابي المتطرف ودحره اعلامياً، ووضع خطط عملية للتصدي للحسابات والمواقع الإلكترونية التابعة للإرهاب.
وفي الجانب المالي إلى العمل على قطع تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، و التخطيط والعمل على توفير الموارد الكافية لمحاربة الإرهاب، والتواصل والتنسيق مع الجهات الدولية لملاحقة ممولي الإرهاب، وتمويل المبادرات التي تحارب الفكر الإرهابي في مجالات التعليم والثقافة والاقتصاد. أما على الجانب العسكري فيهدف إلى العمل على التنسيق العسكري العملياتي لمواجهة الارهاب لأي دولة عضو وفقاً إمكاناتها، تدريب وتأهيل الوحدات الخاصة للدول الأعضاء المنخرطة في محاربة الإرهاب، ردع التنظيمات الإرهابية من خلال التنسيق العسكري لدول التحالف كقوة واحدة ضد الإرهاب.