د.عبدالعزيز العمر
كل شعوب الأرض تحلم بالديموقراطية، نعم قد تختلف بعض الشعوب حول هذا المسمى، ولكنها تتفق في النهاية حول حقيقة وقيمة الديموقراطية كنظام وممارسة حياتية. في يقيني أن الديموقراطية لن تظهر في مؤسسات ومنظمات وهيئات أي مجتمع قبل أن تظهر في المدرسة. أي أن الديموقراطية تولد في المدرسة، حيث يتم من خلالها تشكيل (عقل) و(فكر) و(وجدان) و(ممارسات) الجيل الجديد وفقا لقيم الديموقراطية، في المدرسة تحترم القيادة كل الآراء وتمنح الجميع معلمين وطلابا فرصا متساوية وعادلة ليشاركوا في القرار المدرسي. لكن المدرسة ستفشل حتما في إنتاج الحياة الديموقراطية بداخلها وفي مجتمعها المحلي إذا ما تم (إخضاعها) وتوجيهها من بعض النافذين لترسخ بعض القيم المناقضة للديموقراطية (قبلية، انتهاك حقوق، قمع، تشدد وتطرف، غياب التسامح، إلخ). دعوني أذكر لكم باختصار حادثين أثارا لدي فكرة هذا المقال. الحادثة الأولى تتعلق بمدير مدرسة لدينا منح أحد معلميه اللامبالين تقدير أداء وظيفي ضعيف، لكن هذا المدير وجد نفسه مجبرا على رفع تقدير أداء هذا المعلم استجابة لضغوط تلقاها من مسؤول تعليمي، وتمر هذه الحادثة بردا وسلاما. في المقابل انظر ماذا حصل لمدير مدرسة غربية. معلم أوربي مكلف بتفتيش الطلاب صباحا يكتشف أن أحد الطلاب يحمل في جيبه سكينا (Hunting Knife)، رفع المعلم تقريرا بذلك إلى مدير مدرسته متوقعا أن يتم فصل الطالب أو إيقافه طبقا للوائح، إلا أن المعلم لاحظ أن مديره تجاهل الحادثة وسمح باستمرا حضور الطالب، لم تمض أيام على هذه الحادثة حتى تم فصل المدير.