د. عبد الله المعيلي
ليس بخافٍ على أي متابع وليس بسر تبجح إيران في عدائها للمملكة العربية السعودية، ليس عداء سياسيًّا فقط، بل عداء عقائديًّا متأصلاً في وجدان المجوس الإيرانيين منذ أن حطم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تاج كسرى في المعركة التي سطرها التاريخ بمداد من نور. ومجوس إيران يرددون ذلك في كل وسائل إعلامهم داخل إيران، وكذا أذنابها حزب الله في لبنان، والقنوات الأخرى التي يرأس إدارتها أناس حاقدون مبغضون للمملكة كيانًا ومعتقدًا.
في ضوء هذا العداء المعلن من حق المملكة مثل غيرها من بلدان العالم أن تدافع عن نفسها، وتتصدى لأي عدوان، قرب أو بعد، عن كيانها السياسي وعن معتقدها، أجزم أن كل بلدان العالم ومؤسساته السياسية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، تعرف هذا وتدركه، وكل مواثيقها ومعاهداتها تعطي كل دولة الحق القانوني في الدفاع عن أراضيها وحدودها من أي معتدٍ مهما كانت صور الاعتداء، فما بالك عندما تتدخل إيران الصفوية المجوسية علانية في زعزعة الأمن وإثارة الفتن وتأليب العامة على مسؤوليها، كما حصل في مملكة البحرين - حفظها الله - من أذناب إيران الذين ينعمون بخيرات البحرين، وينكرون ذلك بمحاولات يائسة بائسة لزعزعة أمنها، وترويع أهلها الذين ينعمون بحق المواطنة مثل غيرهم من المكونات الديموغرافية في البحرين. ومثال آخر يتمثل في هيمنة حزب الشيطان على لبنان، بتهديد أمنه، والزج بمواطنيه المغرر بهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. تدخُّلهم في سوريا لم يعد خافيًا بل معلنًا، وبكل بجاحة وصراحة. وكان من نتائج هيمنة حزب الشيطان على كل سبل الحياة في لبنان تعطيلهم المتعمد لاختيار رئيس للدولة، دام أكثر من عامين، لولا حكمة الحريري وإيثاره مصلحة لبنان على حساب مصالحه السياسية.
والمثال الأكثر سوءًا وعبثًا هيمنة إيران على العراق؛ فأفسدت حياة الناس، وعطلت كل صور العيش والتعايش بين مكوناته، وذلك بمجاهرتهم بقتل السنة، وتدمير كل ممتلكاتهم، وإقصائهم من المشاركة في الحياة السياسية؛ فمكنوا أذنابهم من المالكي والعبادي من إدارة الدولة، والتحكم في كل مستوياتها الإدارية، فاستأثروا بالمال العام، سرقوه، وشكلوا به مليشيات من كل البلدان، معيارهم الوحيد معاداة السنة وقتلهم وتدمير ممتلكاتهم.
كل هذه المآسي ترعاها إيران الصفوية المجوسية، ومن خلف الستار تعاونهم مع القوى الصهيونية على اختلاف معتقداتها، عدا أنهم جميعًا متفقون على القضاء على الإسلام السني أينما وُجد، ترعاها إيران على مرأى ومسمع من كل دول العالم، وتتحداهم جميعًا بكل صفاقة وإصرار.
وبعد هذا التدخل العلني في العراق وسوريا ولبنان والبحرين، وعبثها في كل صور حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون أن يتصدى لها أحد، وجدت ضالتها في فئة قليلة العدد والعدة، تدين لإيران بالولاء أكثر من ولائها لبلدها.. إنهم جماعة الحوثي في اليمن الذي لم يعد سعيدًا كما كان. تبنت هذه الجماعة، ودعمتها سياسيًّا وماديًّا، وسلحتها بكل الأسلحة، حتى المحرم منها.. كل هذا من أجل أن تزعزع أمن المملكة، وتحقق لها ذلك؛ إذ اعتدى الحوثيون على جازان ونجران وعلى كل القرى المجاورة، وكان آخر اعتداءاتهم استهداف مكة المكرمة بصواريخ، مكة الآمنة المطمئنة التي لها في نفوس المسلمين قداسة خاصة. وبعد هذا كان لزامًا على المملكة أن تدافع عن حدودها وأمن مواطنيها ومقدساتها.. إنها تمارس حقًّا تقره الأمم المتحدة في كل مبادئها وقراراتها.. المملكة صاحبة اليد العليا في دعم الأمم المتحدة والتعاون معها. أجزم أن أمين الأمم المتحدة يدرك حق المملكة ويؤيده؛ لأن تاريخ المملكة كله يشهد بأنها دولة سلام، وتنشد السلام، وتشارك في صناعته.. هذه رسالتها؛ لذا فهي لم تعتدِ على اليمن بل تدفع عن نفسها شر وعدوان وتدخُّلاً معلنًا من إيران وأذنابها في اليمن.