منذ أن وقّع نجوم منتخبنا الوطني لكرة القدم تحت 19 سنة رسميا على بطاقة صعودهم إلى الطائرة المقلّة لكأس العالم تحت 20 سنة والتي ستقام في كوريا العام المقبل 2017 إثر فوزهم المستحق على منتخب العراق في ربع نهائي كأس آسيا تحت 19 سنة التي أقيمت مؤخرا في مملكة البحرين الشقيقة ثم فوزهم على المنتخب الإيراني في نصف النهائي ثم خسارة النهائي بشرف أمام المنتخب الياباني بركلات الترجيح؛ منذ ذلك الوقت وأنا أشعر بالتقصير تجاه هذا المنجز الفاخر الذي يضاف إلى سلسلة المنجزات التي حققها منتخب الوطن لذلك تأتي سطور هذا المقال عرفانا واحتراما وتقديرا لشباب وطننا الغالي الذين سطروا أروع الملاحم وكانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق كأس أمم آسيا للشباب للمرة الثالثة في تاريخ منتخبنا بعد أن حققناه للمرة الأولى في النسخة الرابعة والعشرين التي استضافتها الرياض عام 1986م يومها فاز شباب الأخضر على منتخب البحرين في النهائي بهدفين نظيفين سجلهما نجم نادي الهلال والمنتخب الكابتن يوسف جازع، فيما كانت الكأس الثانية في النسخة السابعة والعشرين التي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عام 1992م، حيث انتزع نجومنا الكأس في النهائي من المنتخب الكوري الجنوبي العنيد بهدفين نظيفين سجلهما نجم نادي الروضة والمنتخب الكابتن ناصر القحطاني.
يأتي تأهل منتخبنا لمونديال كوريا الجنوبية 2017م ليكون هو الثامن في تاريخ مشاركاتنا في بطولة كأس العالم تحت 20 سنة لكرة القدم، حيث كان الظهور الأخير لمنتخبنا في مونديال كولومبيا عام 2011 تلك النسخة التي شهدت ميلاد عدد من المواهب الشابة الفذة لعل من أبرزها الكابتن عبدالله الحافظ مدافع نادي الهلال والكابتن فهد المولد مهاجم نادي الاتحاد.
إن ما يقدمه صقورنا الخضر في التصفيات النهائية المؤهلة لمونديال روسيا 2018 من مستويات مميزة أبقته في صدارة مجموعته رغم الخسارة من اليابان وما قدمه شبابنا الأبطال في نهائيات كأس آسيا الأخيرة والتي توّجوها بالتأهل الثامن لكأس العالم جدير بأن نحمد الله سبحانه على توفيقه ثم نذكر بالشكر عراب الرياضة السعودية في عصر الخصخصة سمو رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية السعودية الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود، هذا الرجل الذي يعمل بإخلاص ونشاهد ثمرة عمله على أرض الواقع متحملا فوق ذلك أذى الكثيرين ممن ابتلي بهم بلاط صاحبة الجلالة حيث تحول بعض المنتمين إلى الإعلام الرياضي إلى مجرد مشجعين تحركهم نوازعهم التشجيعية المتشنجة بعيدا عن أي نقد موضوعي يمسّ صلب مواضيع الاختلاف، بل على العكس أصبح استهداف شخص سمو الأمير عبدالله باباً مفتوحاً على مصراعيه خصوصا بعد موضوع توثيق البطولات حتى وصل الهجوم إلى مرحلة خطيرة تمثلت باختلاق خبر إعفاء سموه من منصبه عبر حسابات صحف رسمية في منصات وسائل التواصل الاجتماعي! مما يستوجب على وزارة الثقافة والإعلام الموقرة التحرك بشكل سريع والضرب بيد من فولاذ على كل من تسول له نفسه إشاعة الأخبار الكاذبة، فمن يرضى بنشرها في قطاع رياضي لا يمكن استئمانه على كافة المواضيع الاجتماعية والأمنية خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به بلادنا والمنطقة.
إن ما قدمه نجومنا الأبطال في المنامة من مجهود سخي وروح قتالية عالية ليدعو للفخر والاعتزاز ويعيد سيرة نجوم الأخضر في الزمن الجميل، وهنا استحضر كلمات الرجل الاستثناء الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- وهو يستنهض في إحدى المحاضرات همم الشباب السعودي للعمل التجاري، مذكراً إياهم بماضي أسلافهم التليد الذين أنشأوا إمبراطوريات تجارية بدأت من بيع الكعك وبعض الحرِف البسيطة إلى أن نَمَت وترعرعت تلك التجارة حتى استوت على سوقها وباتت علامات تجارية شهيرة يُشار إليها بالبنان، حيث مضى القصيبي رحمه الله ناصحا وموجها الشباب السعودي بألا ينساقوا وراء حديث المثبطين المتشائمين وأن يعرفوا قدر أنفسهم، فهم من أرض الحرمين الشريفين التي انطلق منها النور والخير والسلام للبشرية جمعاء، مؤكدا لشباب هذا الوطن بأن هذه الأرض الطيبة أنبتت رجالا عظماء أنتم أبناءهم وأحفادهم، مشددا في الختام بأن (هذه الجذوة لم تمت).
واليوم أعيد ما قاله القصيبي -رحمه الله- وأتوجه به لشباب منتخبنا الأبطال بأن هذه الجذوة لم تمت.. جذوة انتصارات الكرة السعودية لم تمت، فأسلافكم من الأجيال السابقة هم من حقق المستحيل وتربعوا على عرش القارة الآسيوية سنوات طوال وأبهروا العالم في المحافل الدولية رغم التحديات ورغم رهان الكثيرين على فشلهم وإذا بهم يردّون على الجميع من «داخل الميدان»، وهكذا نريدكم تردون بكل بلاغة وفصاحة ولكن داخل المستطيل الأخضر.
لقد كان وراء نجاح منتخبنا الوطني تحت 19 سنة رجالٌ عملوا بصمت واجتهدوا خلف الكواليس ليظهر نجومنا في المستطيل الأخضر في أفضل حال، فشكرا للمشرف العام على الفئات السنية خالد الزيد ومدير المنتخبات السنية عبدالله المصيليخ، كما أحيي الجهاز الإداري الذي ذلّل كافة الصعوبات فشكراً لمدير المنتخب علي الشعيلان وجميع مساعديه حمد الشيحة، خالد الصويلح، محمد الطبيشي وحامد الجارالله، كما أحيي الجهاز الطبي بقيادة الدكتور رياض التركي ومعاونيه عبدالرحمن البخاري وأحمد عوض فشكرا لهم، وشكراً من أعماق القلب لمدير المنتخب الفني ابن الوطن الكابتن سعد الشهري ومساعده الكابتن صالح المحمدي وبقيه طاقم الجهاز الفني أحمد البحيري وأحمد الرويعي وأيمن الجديدي. شكرا لهم جميعا على ما قدموه ويقدمونه لأجل نجوم منتخبنا الذين أشكرهم فرداً فرداً وأشد على أيديهم وأقول لهم بالحرف الواحد: أنتم مستقبل الكرة السعودية وأملها المنتظر وأنتم بإذن الله من سيسطّر الروائع ويذهل العالم في كأس العالم للكبار في دوحة قطر عام 2022 ، حاملين في قلوبكم البيرق الأخضر مع كل نبضة في عروقكم ومع كل قطرة عرق تسقط من جبينكم، وعلى دروب البطولات دوما نلتقي.
- محمد السالم