فهد بن أحمد الصالح
هناك الكثير من الجهود تبذل في كثير من المصالح الحكومية من أجل الرياضة والنشاط البدني والصحة العامة لمنسوبيها، وعلى ذلك هناك مصاريف ليست قليلة لتحقيق هذه المهمة التي تراها تلك القطاعات من الواجبات تجاه منسوبيها، وتجد أن لديها استعدادات متكاملة وبنية تحتية مثالية ومباني وملاعب لكل الألعاب ومسابح وتجهيزات تضاهي الكثير مما لدى الآخرين الذين يحققون بأبسط من ذلك مراكز رياضية متقدمة وأفضل مما نحققه في ظل الإمكانات المتوافرة، فالبنية الأساسية هي العامل الأول لانطلاق المشاركات المحلية والدولية وتحقيق نتائج متقدمة فيها وضرورة استخدامها في رفعة الوطن وخدمة المواطن الذي هو أحد منسوبي تلك المصالح، لا نقول إن هناك تقصيرا ولكن هناك تركيز على ضروريات أهم لدى القطاعات العسكرية والمختلفة (الأمن والدفاع والحرس الوطني)، وقد يكون الاهتمام بالجانب الرياضي في القطاعات العسكرية هو من باب الصحة العامة والنشاط البدني وقوام الجسم وسلامته للعسكري أياً كانت رتبته العسكرية، على الرغم من أننا نستذكر العديد من لاعبي الأندية والمنتخبات في عصر الهواية كانوا من القطاعات العسكرية ومع الاحتراف لم يعد بإمكان العسكري المشاركة لأنّها تستلزم التفرغ، ومع ذلك وعلى مستوى الرياضة العسكرية يوجد لقطاعاتنا حضور رائع ومراكز متقدمة نقف باستمرار مقدرين لها وفرحين بها ومثمنين للجهود التي تبذل فيها، فتقدم الوطن في أي مجال يسعد أهله ويجعلهم في سرور وغبطة مما حققه أصحاب الهمة من قيمة مضافة منهم إلى قيمه المتعددة.
ومن أجل إيجاد توأمة رياضية مدنية وعسكرية بحجم هذا الوطن واتساع رقعته الجغرافية وتعدد مدنه العسكرية وقواعده وكذلك تنوع قطاعاته التي شملت البر والبحر والجو فقد تشكلت لجنة ثلاثية من وزارة الدفاع والهيئة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية العربية السعودية، وانطلقت بواكير اجتماعاتها التي تهدف لبناء اتفاقية استراتيجية بين الجهات الثلاث لكي يتم رسم خطط استراتيجية وتنفيذية ووضع برامج سنوية مشتركة تساهم في تحقيق نتائج مشرفة، مع الاستفادة من الإمكانيات المتاحة لدى وزارة الدفاع لخدمة الشباب والرياضة، واستثمار خدمات وقدرات أبناء القوات المسلحة من الرياضيين وكذلك الاستثمار الأمثل للمنشآت الرياضية للقوات المسلحة التي تتناسب مع فكرة ورؤية الهيئة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية، ولكي يتم تجهيز مراكز رياضية متخصصة في جميع الألعاب المختلفة والاستفادة من الخبرات الإدارية بين الجانبين.
وتأتي هذه الاجتماعات بناءً على توجيهات سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وسمو رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية الأمير عبد الله بن مساعد اللذين يطمحان لتفعيل الجانب الرياضي والشبابي من خلال الألعاب التنافسية والمسؤولية الاجتماعية المشتركة بين أجهزة الدولة الذي سيقودها مجتمعة لتحقيق برنامج التحول الوطني 2020 ومن خلال المبادرات التي أقرتها هيئة الرياضة وما جاء في رؤية الوطن 2030 التي ركزت على الجانب البدني والرياضي وزيادة الممارسين للرياضة، فالعقل السليم في الجسم السليم.
ونتطلع بعد هذه الاتفاقية الرائعة أن يرتب لاتفاقيتي توأمة مع وزارتي الداخلية والحرس الوطني، لأن المتوافر لديهما من إمكانات لا يقل بأي حال من الأحوال عما يوجد في القوات المسلحة من ملاعب ومسابح وصالات رياضية مغلقة وبنية تحتية مكتملة ورغبة أكيدة من كل القطاعات العسكرية لتقديم ما ينفع الوطن والمواطن، ومن المفرح جداً أن هناك إدارات عامة للشؤون الرياضية في كل القطاعات العسكرية التي ستسهل دون شك نجاح الاتفاقية، بل إن بعضها شريك رئيسي في الهم الرياضي حيث يوجد اتحادات عسكرية متخصصة بقيادات عسكرية فذة ومهنية وهذا سيجعل الاتفاق حتمي النجاح مع تلك القطاعات التي نتشرف بها جميعاً، ويسرني هنا أن أستذكر مقالاً كتبته في هذه الزاوية في يوم السبت 23 يناير 2016 بعنوان (الرياضة العسكرية.. واتحاد قوى الأمن الداخلي) وكان لزاماً علينا أن نتقدم بجزيل الشكر لاتحاد قوى الأمن الداخلي على النتائج الرائعة التي يحققها في كل بطولة عسكرية أو تصفيات دولية يشارك فيها، وهذا دليل مسلَّم به على ما يملكه الاتحاد من إمكانيات وقدرات وكفاءات شبابية ورياضية عسكرية لا نشك مطلقاً في تحقيقها لأهداف الرؤية وبرنامج التحول وكذلك هدف الهيئة الرياضية في استثمار إمكانياتها بما يحقق مبادراتها الـ 22 الطموحة.
سيكون وطننا وقادتنا ومواطنينا أكثر سعادة بتلك الاتفاقيات التكاملية بين القطاعات، ومن المهم أن تفعل بمهنية وتُلمس نتائجها في وقت سريع ويوضع لها لجان متابعة وتحدد لها مؤشرات أداء وأهداف كمية قابلة للقياس وواقعية لان القياس سيتعذر في حال الرؤية غير القابلة لرصد النتائج والتي لن يستطيع أحد قراءتها ومعرفة أثرها دون أرقام ومنجزات كمية، وسنكون - بإذن الله - على موعد مع عطاءات تبرز ما نحمل من وطنية ومحبة لهذا الوطن الكريم بكل تفاصيله، لان القادم من السنوات ستكون ساحة لإبداعات الشباب واستثمار جهودهم وأفكارهم وتمكينهم من الانطلاقة لعالم أكثر حيوية وسنضمن لهم البيئة المناسبة بهذه الاتفاقيات التكاملية وبتوجيهات القيادات المعنية بها بمختلف مستوياتها وتنوعها.