«الجزيرة» - محمد السنيد:
أكد أكاديميان كويتيان أهمية الزيارة التاريخية اليوم الخميس لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى البلاد خصوصا أن السعودية تمثّل عمقاً استراتيجياً للكويت وفي ضوء ما يجمع البلدين من أواصر, وإرث مشترك في جميع المجالات.
واتفق الأكاديميان في تصريحين منفصلين على أهمية بحث الجانبين الكويتي والسعودي موضوع الاتحاد الخليجي باعتباره خطوة إيجابية تسهم في المزيد من التنسيق الخليجي وتوحيد الرؤى بين دول المجلس في مواجهة التحديات والتوترات التي تشهدها المنطقة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الغانم إن ما يزيد من أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الكويت أنها الزيارة الأولى للملك سلمان إلى الكويت بعد توليه مقاليد الحكم إلى جانب أنها تأتي في ظروف حساسة لما تشهده المنطقة من مشكلات وتحديات تستوجب البحث والدراسة.
وأوضح الغانم أن من أبرز هذه المشاكل والتحديات هي ظاهرة الإرهاب سواء خارج أو داخل منطقة الخليج العربي من خلال ما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية المنحرفة مثل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) و(القاعدة).
وأضاف أن التحدي الآخر هو الوضع القائم في اليمن بكل ما ينتج عنه من تأثيرات أمنية في المنطقة لاسيما أنه يقع في خاصرة منطقة مجلس التعاون الخليجي.
وذكر أن الأمر الثالث يتمثل في كيفية مواجهة انخفاض الأسعار العالمية للنفط وما ترتب عليه من تأثيرات على ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي لافتا إلى الجهود المبذولة بين دول المجلس للحد من تأثير ذلك عبر تخفيض حصصها في منظمة (أوبك) في حين تسعى دول أخرى إلى التأثير على هذا الأمر وإفساده.
وأشار إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة في عدة مناطق منها سواء في العراق أو سوريا أو اليمن وهي إشكاليات كبيرة جدا تحتاج إلى النظر لها بتعمق.
وقال الغانم إن دول مجلس التعاون اتخذت خطوة إيجابية بتشكيل المجلس خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية والآن مع تزايد التحديات يمكن النظر في الانتقال إلى فكرة تحقيق المطلب الأساسي الذي وضع كمبادئ أساسية لمجلس التعاون الخليجي وهو التعاون وصولا إلى مرحلة الاتحاد والذي أصبح يطرح بصورة أعمق وأشد يتطلب معها التنسيق لإنجاح هذا الاتحاد.
وأثنى على الدور البناء الذي يضطلع به خادم الحرمين الشريفين في هذا الصدد وهو توفيق الرؤى تجاه الوصول إلى مرحلة الاتحاد لاسيما أن هذه النقطة كانت مطروحة إبان عهد العاهل الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.
وأكد أن هذه الزيارة تأخذ أيضا بعين الاعتبار الثقل الذي تمثله المملكة العربية السعودية للكويت باعتبارها عمقاً استراتيجياً وداعماً رئيساً للكويت في العديد من الأزمات التي مرت بها ومنها فترة الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها من احتلال عراقي للكويت إضافة إلى ما تحمله من إرث تاريخي وسياسي واقتصادي.
من جانبه قال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور عايد المناع إن الحكمة والخبرة اللتين يتمتع بهما سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في السياسة العربية والإقليمية والدولية «ستسهمان في جعل المباحثات خلال الزيارة ذات جدوى كبيرة لاسيما أنها تأتي بعد القمة الخليجية في المنامة».
ولفت المناع إلى تميز العلاقات الكويتية السعودية في شتى النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الثقافية فهي متجذرة في مختلف المستويات الرسمية والشعبية «فالبلدان دائما في خندق واحد وما يمس الكويت يمس المملكة والعكس صحيح».
وذكر أن أبرز الملفات المتوقع طرحها خلال الزيارة إلى جانب تطورات العلاقات الثنائية هو الأمن الإقليمي سواء في العراق واليمن وسوريا وتأثيراتها على المنطقة إضافة إلى بحث العلاقات مع إيران بمختلف أبعادها.
وأشار إلى أهمية طرح مسألة الاتحاد الخليجي والنقاش حول متطلبات كل دولة قبل تطبيقه لاسيما أنه يصب في مصلحة الكويت من خلال إيجاد آلية للتقارب بين دول الخليج منطلقين من العوامل المشتركة التي تجعل من الاتحاد الخليجي حقيقة قائمة.
وبين أن ملف العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ربما يطرح في هذه الزيارة بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب والتطورات التي حدثت في العلاقة خصوصا بعد إصدار قانون (جاستا) في أواخر عهد الرئيس باراك أوباما.
وشدد المناع على ضرورة تنويع مصادر الدخل والتفكير بمرحلة «ما بعد النفط فلابد من البحث عن بدائل أخرى وهو ما كان يتطلب مناقشته مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى قبل أن نفاجأ بغياب عائدات النفط فهي سلعة لا يؤتمن لها على المدى البعيد».
ولفت إلى موقف المملكة العربية السعودية المشرف عندما تعرضت الكويت للغزو العراقي الغاشم عام 1990 وحماسها الكبير لاسترداد الكويتيين أرضهم مستذكرا مقولة الملك الراحل فهد بن عبدالعزبز عندما قال «إما أن تعود الكويت أو تذهب السعودية معها».
وتعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الأولى له لدولة الكويت منذ توليه مقاليد الحكم في يناير عام 2015 وتأتي في ختام جولته الخليجية التي شملت الإمارات وقطر إضافة إلى البحرين حيث شارك في القمة الخليجية ال37.
وتتميز العلاقات الثنائية بين الكويت والسعودية بخصوصيتها والتي برزت بصورة جلية من خلال الموقف السعودي المساند للكويت والمدافع عن شرعيتها واستقلالها أثناء الغزو العراقي عام 1990.
كما تمثل الزيارة تعزيزا للعلاقات العميقة بين البلدين ومن شأنها فتح قنوات جديدة للتعاون الثنائي والتنسيق المشترك على المستويين الإقليمي والدولي لاسيما وسط التحديات الماثلة في المنطقة والعالم.