1
هَذِي سَمَاؤُكَ
خَلفَ رَابِيَةٍ منَ الأضْوَاءِ
فِيها فَرَاشُ الغَيبِ
يَحمِلُ شُعْلةَ الآيَاتِ
للآتِينَ منْ عُمْقِ المَجَازِ صَدىً
وصَوتُكَ في شِفاهِ الفِكرِ
يَحرُسُ دَهْشَةَ الإيِْحَاءِ
يَتَصاعَدُ النَّغَمُ الشَّفِيفُ
إلى مُحَيَّا عَرشِها المصْقُولِ بالنَايَاتِ
إيْقَاعٌ لبَسمَلةِ الحُرُوفِ
تُحِيطُ هَالةَ فِكرَةٍ
حُبلَى بحُلمِ المَاءِ
حَيثُ الصَّبَاحُ مُقيَّدٌ
برَذَاذِ فَلْسَفَةٍ
تُخبِّئُ في بَسَاتِينِ البَلاغَةِ
زَهْرةً زَرقَاءَ
هَدهَدهَا التَّفكُّرُ
في إضَاءَاتِ المدَى
لرُؤىً على حَدقِ التَّأمُّلِ
تَنسجُ الغَدَ مِنْ تصوُّرِ نَجمَةٍ
دَرَستْ مِزَاجَ اللَّيلِ
فانْحَصرَ الظَّلامُ عن القِيَامَاتِ الوَشِيكَةِ
في مُدىً خَلعَتْ أنُوثَتَها
ليَختَصِرَ الرَّبِيعُ مَسَافةَ الصَّلَوَاتِ
صَوبَ نُبُوءَةِ الأنْدَاءِ
2
ظِلَّانِ للأُفُقِ المُحَاصَرِ فيْ مَدَارِ الرِّيحِ
آدَمُكَ الجَرِيحُ وأُمْنيَاتِ سَنَابِلِ الأعْيَادِ
فاحْضُنْ شَمْعَةَ الإِيْنَاعِ
واعْبُرْ جِسرَ ذَاك الرَّعدِ
إنَّكَ آنِسٌ وَحْياً
يُبَلِّلُ نَفسَهُ باليَاسَمِينِ
هُنَاكَ يَتَّزنُ الشُّعُورُ
لكِيْ يُعَاتِبَ ما تَجَلَّى
مِنْ مَآقِي الطِّينِ فيْ الكَلِماتِ
فاللاوَعْيُ أرْهَقَ جَوهَرَ الإنْشَادِ
ما حَرْفٌ يُرمِّمُ في خَوَاطِرِ صُبْحِهِ المُنْفَى
نِدَاءَ المسْتَغِيثِ برَبِّهِ
كأنَّ أعْمَارَ الخَليقَةِ
زُهْرةً في النَّرْدِ
تُلقِيهَا المَنُونُ
على مَسَاحَاتِ الضَّبَابِ
وليسَ ثَمَّتَ عَابِرٌ
يَنْأى إلى الإنْسَانِ
يَرسُمُ وَجهَهُ بالفَجرِ
يَفْتَتِحُ الحَياةَ بغَيمَةٍ
قَرأَتْ كِتابَ الدَّمْعِ
في مُقلِ العُبادِ
أمَا لهذَا الجُرحِ مَوَّالٌ
يُحرِّرُهُ بمُوسِيقَى البَصِيرةِ،
يَستَفِزُّ الشِّعرَ،
يَرفعَهُ إلى غَايَاتِ من قَرؤُوا الأنَامَ
بلَكْنَةِ الآلاءِ
3
إنَّ التَّصَوُّفَ
في قَداسَةِ حِكمَةٍ غَنَّاءَ
مَكََّّنَها التَّكَسُّبُ في غُبارِ الأمْسِ
ثَغْرَ العَابِرينَ
تُعِيدُنا للجُبِّ
تَنزَعُ من عُيُونِ السِّحرِ
أشْرِعةَ القُلوعِ إلى اشْتِهاءَاتِ الكَمَالِ
فلا إشَارَةُ رُؤيَةٍ
تُوحِيْ إلى الرَمزِ المُدَجَّجِ بالندَى الرُّوحِيِّ
خَارِطة َالخُلودِ
ولا قَصِيدَةُ آسِرٍ
تَرسُو على مِينَائَِها الضَّوئِيِّ
تَبتَكِرُ البَياضَ لنَورَسٍ في الرَّملِ
تَدفَعُهُ الرِّيَاحُ إلى سَرَابٍ ظَامِئٍ
يُلقِي على ذَاتِ الوُصُولِ
سَحَائِبَ الإغْوَاءِ
4
كُنْ يا غَريِبُ عن اسْتِراقِ السَّمعِ
مِنْ لُغةِ ِالرَّمَادِ رَسُولَ نَفسِكَ
حَيثُما فَرَشَ الخَيَالُ
سَماءَ فِتْنَتِهِ
اسْتَعِرْ منهُ مَكَانَاً
مُشبَعاً بالعِطرِ
حتَّى تَحتَوِي وَطنَاً
ورَتِّبْ في صُفوفِ القَادِمينَ
إلى صَلاةِ الطِّينِ
مِنْ جُرحِ الظَّلامِ
غِنَاءَ هُدهُدِكَ المُسَافِرِ
مُنذُ ذَاكرَةِ العُرُوجِ
لإسْمِكَ المَنْسِيِّ
تَحتَ وِسَادةِ التَّارِيْخِ
حتَّى نَشْوَةَ الإشْرَاقِ حَولَ سَنَابِكِ الإسْرَاءِ
- شعر/ حسن طواشي