كأني فهمت الذي تقصدينْ
فرحت أفتش في الراحلين
أحباء كانوا هنا فانتهوا
إلى زمن من كتاب السنين
فرشت فؤادي لهم واحةً
تزيّن بالفلّ والياسمين
وسُقت إليهم لحون الهوى
تسقسق كالطير فوق الغصون
وكنت أصوغ المنى عذبةً
وأصنعها مثلما يبتغون
رؤوف إذا ما استعر الأسى
حنون إذا ما تشظى الأنين
محب أواري جراح الكلام
إذا عربدت في فم القائلين
ولا أحمل الحقد مهما استبدّ
لأَنِّي أحبُّ أُلى العالمين
فؤادي من الثلج قدّت يداه
يلين لكل الخطايا يلين
خذيه بكفيك تلقيه طفلاً
يسير إليك فما تأمرين؟
فإن الأحبة إن أوغلوا
إليه تألق فيه الحنين
أهيم وذكراك في مهجتي
تحلّق والطيف وسط العيون
أراك كأن المرايا حداةٌ
تغني بحسنك إذ تظهرين
وأنظر للغيم لا مقلتاه
تطلّ ولا دمعه يستبين
وأعشاب روحي ظماء هنا
علت صفرة حقلها المستكين
تصيح وتجأر والراحلون
تواروا وغابوا وراء الظنون
تلفتُّ أبحث يرتدّ طرفي
حسيرا ويرتاب قلبي الحزين
وعدت بلا شيءَ ملء الفراغ
لأَنِّي فهمت الذي تقصدين!
- شعر/ د.عبد الرحمن بن إبراهيم العتل