في مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس الذي انعقد مؤخراً في الرياض، أثارت ورقة عمل قدمتها إحدى الأكاديميات جدلاً كبيراً في القاعة، حيث ذهبت في ورقتها إلى تحميل الكثير من كتاب وكاتبات الروايات المسؤولية الكبرى في «انفلات الأمن الفكري» لدى من ضلوا الطريق وخرجوا عن منظومة الدولة والنظام، ثم جاءت توصياتها في ختام أطروحتها الصادمة بصورة لو طبقت لانخفض سقف الحرية، وتحجم الإبداع، وبارت الكلمة في جوف الكاتب وعقله!
إن مواجهة الفكر، لا يكون بالمنع وتحجيم الإبداع، وحجب الكتب، فذلك السلوك ضد الكتب لا يمارسه إلا ضعيف الحجة والبيان، فلا يواجه الفكر إلا الفكر، ولا يوقف الحرف غير الحرف، فالبيان ليس سيفاً، ومن رأى فكراً منكراً فليأتي بفكره ويدحض ضلالة تلك الأفكار! وفي بلد طموح يجمح نحو التنمية الشاملة من خلال رؤية 2030 فإن من اشتراطات أي (تنمية) وأبجدياتها هو (حرية التعبير والفكر).
ثم إن القائلين بأسلمة الأدب لم يعوا حقاً أن الأدب ليس إلا فرعاً من فروع الثقافة، ومن أهم مكونات الثقافة هي ما نستقيه من البيئة الاجتماعية والمجتمعية والمدارس التعليمية، مما ينعكس على أدبنا الناتج عن مكنونات العقل والفكر. فكما قال تايلور عن الثقافة: «هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع» ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحديد مسار الفرع وتوجيهه إلى اتجاه واحد بغرض أسلمته أو تحزيبه أو تسييسه إلا وقد قتلنا ذلك الفرع وحكمنا بإبادته إلى الأبد، ومن وجهة نظري فالأدب يخدم قضية إنما لا يقودها ولا يتبناها!
إن الأدب هو ثورة الأديب على أسئلته، أو ثورته بأسئلته، وهو عصارة فكره ومشاعره، فماذا تبقى للأديب غير تلك الكلمة التي يدعو البعض لتحجيمها وممارسة سلطوية رقابية متعسفة عليها؟!
- عادل بن مبارك الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@ AaaAm26