( عزلَة 1 )
وحدِيْ مُنْعزِلٌ في قَبوِ الخَيبَةِ ... إلا مِنَّي!
حولِي وحلُ العمْرِ، زُجَاجَاتُ خَوَاءٍ ، مِنفَضَةُ سُعَالٍ دِيكيٍّ، كُتُبُ العَدَمِيّينَ،
رواياتُ المنسِيّينَ ، قصائدُ تلسَعُ ظهرَ يَقِينِ الشَّكِ الفَاجر
( عزلَة 2 )
وحدِيْ مُنْعزِلٌ في قَبوِ الخَيبَةِ ... إلا مِنَّي!
أفقَأُ عينَ الوقتِ ، بمِسمَارِ التَّحدِيقِ،
الصَّمتُ يُدمدِمُ في العزلَةِ،
أَهذِي،
أَتأَمَّلُ،
أَرقصُ كالدِّرويشِ،
أُعربِدُ،
أَبكِي ،
أَتَجلَّى مثلَ قَصيدَةِ شِعرٍ تَرضَع مِن لَبَنِ البَرقِ،
ومِن فُوْهَةِ إِعصَارٍ هَادِر
( عزلة 3 )
وَحدِيْ مُنْعزِلٌ في قَبوِ الخَيبَةِ ... إلا مِنَّي !
أَرسُمُ باللغَةِ المُنزَاحَةِ كونَاً لايُشبِهُ هذَا الكَوْنَ ،
وأَنفُخُ روحَ المَخلوقَاتِ الشِّعريَّةِ ،
أَبنِي حَائِطَ مَبْكَى الوَحشَةِ ،
أَرسُمُ ،
أَرسُمُ ،
أَرسُمُ ،
لاشَيءَ سِوَايَ ؛
أَهُشُّ عَقَارِبَ إِحبَاطِي بِمِذَبّة أَيَّامٍ عَاقِر
(رَسْمٌ 1)
أَرسُمُ في الحَائِطِ ظِلَّ غَزَالِ الصَّمتِ النَّافِر
يَقفِزُ وَسطَ الغُرفَةِ ،
يَرمُقُ ،
يَعوِي كالزَّمنِ المُمتَدِّ ،
يُبَحلِقُ في السَّاعَةِ ،
يَنسَى ،
يَتَلَوَّى ،
يَتَعَرَّى ،
يأكلُ مِنسَأَةَ الوَقتِ المُتحجِّرِ كالأَبَدِ الغَابِر
(رَسْمٌ 2)
أَرسُمُ فِيلاً أَبيضَ أُسطُورِيَّاً ،
يملأُ قَبوَ العزلَةِ ،
يرفسُ جمجمةَ الشَّكِّ ،
يَسدُّ نَوافذَ وَعيِي ،
يَفقأُ عَينِي ،
يَذوِي ،
وأَنَا بينَ يَديهِ أُقدِّمُ أَعشَابَ العمرِ الخَاسِر .
(رَسْمٌ 3)
أَرسُمُ قِردَاً يَخمِشُ وجهِي ويُقَهقِهُ ،
يَسرقُ باسمِي ،
يَزنِي ،
يَجلِدُنِي ،
ويُقَيِّدُ كفِّي بِحبَالِ الرَّهَبوتِ ،
القردُ تَسلَّقَ غصنَ المَاءِ ضَبَابِيَّاً ،
وأنَا في وحلٍ عَاثِر
(إِحبَاط 1)
لو كنتُ رسمتُ حبَالاً:
- لَتسلَّقتُ جِدارَ العمرِ لأَبلغَ شُرفةَ قَبوِ الخَيبةِ ،
- أَو لاصطَدتُ غَزَالةَ أيَّامِي ،
- أو لَشَنقتُ على مِروحةِ الوَقتِ الكتبَ الصَّفراءَ ،
ومِسبَحةَ الشَّكِ ، وأَيقظتُ الحظَّ العَاثِر
(إحباط 2)
لا صبحَ يُراودُ مِزْلاجَ الَّليلِ ،
ودودُ الأَرضِ يُفكِّكُ تَكوينَ شَرَايينِي ،
البابُ المرسُومُ على السَّقفِ بِلَا مِفتَاحٍ ،
والقلمُ انْكسَرَت رِيشَتُهُ ،
في رسمِ الشبَّاكِ العَاشِر
(إحباط 3)
ماذَا أَرسُمُ ،
يُوشِكُ هذَا القلمُ المعوجُّ بأَن يُصبحَ ثعباناً ،
أو حوتاً يَبلَع بَحرَ الكونِ الهَادِر
(لا شيء 1 =)
يا قارئُ لا شيءَ لديَّ الآنَ ...... !!
لماذا ترقبُنِي ؟!
افعَلْ شيئاً غيرَ قراءةِ هذا الحزنِ ،
وهذا الكبتِ ،
وهذا الدمعِ المتَنَاثِر
(لا شيء 2)
...........................................
...........................................
ارسُم مِثلِي ،
واملأَ قبوَكَ بالمخلوقاتِ الغيبيَّةِ ،
واعلك عظمَ الوَحشَةِ ،
قشّر ليمونَ العمرِ على مَهَلٍ ،
واصنَع منهُ عصيرَ الموتِ المزِّ ،
تَرجَّل عَنكَ ،
اخلَع ثَوبَ الطِّينِ ،
استلقِ ؛
فإنَّ الموتَ هوَ الطَّرفَ الخَاسِر
(لا شيء 3)
...........................................
...........................................
- شعر/ محمد أبو شرارة