د.خالد بن صالح المنيف
نواصل الحديث عن الأفكار اللا عقلانية التي تحدث عالم النفس الشهير (ألبرت أليس) وقد تحدث عن (11) فكرة غير عقلانية وكيف أنها تؤثر على مشاعر وسلوكيات البشر، تأمَّل فيها وتحرَّر من أي فكرة منها استوطنت عقلك الباطن، كتبتُ ستة منها الأسبوع الماضي، وإليك باقيها:
7. الفكرة اللا عقلانية (السابعة) مضمونها: إن أسهل طريقة للتعامل مع المشكلات يتمثل في الهروب منها والتعامي عنها وعدم الاعتراف بوجودها!
نقض الفكرة: إن الهروب بضاعة العاجزين، وأسلوب الفاشلين الضعفاء، وعدم التصرف مع المشكلة بالهروب يعقدها أكثر ويجذرها ويجعل حلها أكثر صعوبة وأشد تكلفة! ناهيك عن وجود مشاعر الترقب المزعجة؛ فالهروب لا يضمن إقصاء المشاعر المرتبطة بالمشكلة!
الحل: واجه الأزمات بشجاعة وتعامل معها بثقة وحكمة وتخفف من الملفات غير المغلقة حتى تهنأ بحياتك وتستمع براحة البال.
8. الفكرة اللا عقلانية (الثامنة): يجب أن يوجد في حياتي أشخاص أعتمد عليهم اعتمادًا كليًا، أستند عليهم وتتمحور حياتي حولهم!
نقض الفكرة: لقد سخر الله البشر بعضهم لبعض، وأمر جميل أن يوجد من يعتني بنا ويؤمن بقدراتنا، ومن تتبع سيرة الناجحين والسعداء أيضًا لوجد أن فيها أشخاصًا مدوا لهم يد العون وساعدوهم ولكنهم لم يعتمدوا عليهم اعتمادًا كليًا! فالاعتماد الكلي معنويًا كان أو حسيًا على الآخرين يجعل من المعتمد شخصًا ثقيلاً وهما طويلاً، إضافة إلى أن الدنيا لا تدوم على الحال فربما من اعتمدنا عليه يمرض أو يموت! فهل تنتهي الحياة بعد هذا؟!
الحل: اعتمد على ربك أولاً ثم على نفسك، لا ترفض العون من الآخرين ولكن لا تضع آمالك ولا أحلامك في أحد ولا تتمحور على كائن من كان ماديًا ولا عاطفيًا!
9. الفكرة اللا عقلانية (التاسعة): للماضي سطوة لا ينفك منها الإِنسان، وتدور حول أن الخبرات القديمة والتجارب الماضية تكبل البشر وتحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم لذا تجد أصحاب تلك الفكرة يحدثون أنفسهم عن كون الماضي السيء هو السبب في رداءة أوضاعنا الحالية ولسان حالهم يقول: الماضي أقوى مني وأشد بأسًا لذا لا خيار لي إلا القعود واليأس!
نقض الفكرة: هل يخلو فرد من ماضٍ دون أخطاء أو تجارب سيئة أو بيئة تربى فيها قاسية، أو معلم مر عليَّ ظالم والماضي انتهى بكل تفاصيله ولا بد أن نعيش للغد وهو ما نملكه إذا ما اعتنينا باليوم بنفسية مطمئنة وثقة بالنفس عالية ومئات القصص تؤكد هذا المنطق!
الحل: تناس الماضي بكل تفاصيله بعد الاعتبار، ولا تبك لبنًا مسكوبًا؛ فلا حول ولا طول ولا قدرة للبشر لو أن يعودوا للماضي للماضي وتعديل تفاصيله، دونك اليوم اعتن به تسعد في غدك!
10. الفكرة اللا عقلانية (العاشرة): تتمحور حول أن الحياة وكل ما فيها يجب أن يكون كاملاً ويجب أن نبلغ الدرجات الكاملة في كل أدوارنا في الحياة، وأيضًا الأمر ينسحب على من حولنا وأدائهم، فيعتقد الشخص بوجود حل كامل ودقيق وحقيقي لمشكلات الإِنسان، وإنها لمصيبة كبرى إذا لم يتم العثور على هذا الحل، فيقول الفرد: «هنالك حل كامل وصحيح لكل مشكلة، وعلي أن أجد مثل هذه الحلول»!
نقض الفكرة: إن الحياة وسط غير كامل بما فيها البشر؛ لذا من الحكمة ألا ننشد حلولاً كاملة في وسط غير كامل! والقاعدة هنا: فاتقوا الله ما استطعتم، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها!
الحل: افعل ما بوسعك باذلاً للجهد مستفرغًا للسبب وكُف عن طلب المثالية والكمال لنفسك أو لمن حولك فتشقى وتشقيهم!
11. الفكرة اللا عقلانية (الحادية عشرة): أنا مسؤول عن جميع من أعرف، ويجب أن أحمل هم كل من حولي!
ومحور هذه الفكرة أن كل من أعرف هم ضمن دائرة مسؤوليتي، وأننا يجب أن أتألم وأتوجع لما يصيب الناس من مشكلات وكوارث...ما بالك بالمقربين!
نقض الفكرة: التوسع في المسؤوليات لا شك أنه يعطل الحياة ويقلل من العطاء ويضعف من قوتنا لأننا نظل أصحاب قدرات وأوقات وقوى محدودة، فإذا كنا سنتفاعل مع كل ما يصيب البشر فهذا يعني أن سنتألم على مدار اللحظة!
الحل: افعل ما بوسعك قدم النصيحة، واس المكلوم وابذل له العون ما أمكنك ثم واصل مسيرتك، وتذكر أن الشخص الوحيد الذي سيتحقق منك المتابعة والعناية الكاملة هو من لا يملك قراره، وهذا الشخص هو الطفل الصغير فقط أو من لديه قصور عقلي أما ما سواهم فلا تحمل همهم وتعطل حياتك.
ومضة قلم:
إن مجرد زيارة موقف (سلبيٍّ) أو حدوث تجربة (غير جيدة) لا يعني (رداءة) الحياة أو (سوء) الحظ!