أحمد بن عبدالرحمن الجبير
لقد حققت قمة البحرين، والقمم السابقة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي نقلة نوعية في تطوير مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً مع تزايد التحديات والاطماع الخارجية، والمساعي المبذولة لتحقيق التكامل الاقتصادي، وضرورة إتمام الوحدة، والمواطنة الخليجية، ووضع برامج محددة لها والتركيز في المرحلة المقبلة على المواطن الخليجي، ودعم تعليمه وتدريبه، وزيادة الإنفاق على مراكز الدراسات، والأبحاث العلمية لتحقيق تطلعاته.
ما يهم المواطن الخليجي من هذه القمم هو أثر القرارات الإيجابية الصادرة على معيشته، وأمنه وتأمين مستلزماته، وتخصيص مشروعات حيوية لفئة الشباب والشابات.
إننا كخليجيين نتطلع للاتحاد الخليجي اليوم قبل الغد، لأنه سيحدث نقلة حضارية بدوله، وسيعزز قدراتها على التعامل مع التحديات العالمية المختلفة أمنياً، وسياسياً واقتصادياً، ونأمل عقد اجتماعات متخصصة خليجياً لمناقشة التوافقية، والتكاملية والمستقبلية في هذه المشروعات العملاقة، لتكون الفائدة عامة، خاصة وأن الأمن السياسي والاقتصادي، والثقافي الخليجي مترابط ومتداخل، وهنا تكمن إمكانية وحيوية التنسيق بين هذه الإستراتيجيات.
أن الكيان الخليجي الذي يشكله مجلس التعاون بات مصدر انتباه، واهتمام العالم، وبعض الدول الطامعة فيه، لذا يجب علينا كمواطنين، وأبناء الخليج الواحد الحفاظ عليه، وعلى مكتسباته التي تحققت بتعاون وتلاحم دوله، وسعيهم إلى الوحدة الخليجية، والرقي بالمواطن الخليجي، وتلبية متطلباته الأساسية، وتقديم جميع الخدمات له، وتحقيق رغباته.
لذا يفترض الاستثمار في المواطن الخليجي لأنه هو أساس التنمية، وذلك للحد من وجود العمالة الوافدة التي تسيطر على الوظائف القيادية العليا ذات المردود المالي المرتفع في القطاع الخاص وأن يكون للمواطن الخليجي نصيب منها خاصة الوظائف الفنية والقيادية، حيث لدينا فائض كبير من أبناء الخليج في تخصصات مختلفة، لماذا لا يكون هناك فرصة لهم، بحيث أن يكون أي مواطن خليجي بإمكانه أن يجد وظيفة في أي دولة خليجية، ويتم تعينه عليها وبموجبه نستطيع الحد من استقدام العمالة الاجنبية، ومعالجة البطالة، وتحقيق طموحات وتطلعات أبناء مجلس التعاون الخليجي.
وأيضاً يفترض حل مشكلة التأمين الصحي المجاني للجميع، وتحقيق كل ما يعزز رخاء مواطني دول الخليج وتقدمهم وأمنهم واستقرارهم، وتحقيق كل متطلباتهم التي تكفل لهم حياة كريمة حيث ما نعيشه اليوم في منطقة الخليج من بناء ونماء للعديد من المشروعات العملاقة، هو جزء من منظومة تعيشها دول الخليج بأكملها، لذا يجب علينا الحفاظ على الكيان الخليجي من التحديات الأمنية سواء كانت إقليمية ام دولية.
ويجب دعم القطاع الخاص ليشارك في عملية التنمية الاقتصادية، وأن تكون هناك رؤية جديدة للتعامل مع الملف الاقتصادي، وتوجيهات من قبل قادة الدول لتسهيل الإجراءات الاقتصادية لرجال الأعمال لأن القطاع الخاص الخليجي هو المشغل الأساسي للأيدي العاملة، ويساهم في المسؤولية الاجتماعية، وتفعيل دوره في تنمية الصادرات الخليجية من خلال توحيد الإجراءات التجارية، والاقتصادية لجميع دول الخليج.
ويجب إيجاد حواضن خليجية علمية ومعرفية، وتقنية وصناعة مشتركة تهتم بشباب وشابات الخليج، وتوفر كافة المساندة لهم، ودعم ابتكاراتهم وإبداعهم، وتطوير تعليمهم وتدريبهم، لتخريج كوادر خليجية مؤهلة قادرة على الارتقاء بالاقتصاد الخليجي إلى مصاف الدول المتقدمة خصوصاً فيما يتعلق بالابتكارات والاختراعات، ومعاملة مواطني دول الخليج بالتساوي في جميع المجالات الاقتصادية، والأنشطة التجارية والاستثمار، والتعليم والصحة، والخدمات والتأمينات الاجتماعية، والحرف والمهن والمعاملة الضريبية، والتنقل والإقامة والعمل.
ويفترض الإسراع في تنفيذ جميع القرارات الاقتصادية، والسياسات التنموية والقانونية التشريعية والمالية التي اتخذت، وتوحيد السياسات النقدية الخليجية، وإصدار عملة خليجية موحدة، وزيادة قنوات التمويل، التي توفر الدعم المالي اللازم لأبناء الخليج، لتبني الأفكار والمبادرات، وذلك لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، من أجل بناء اقتصاد خليجي موحد ومستدام للوصول إلى مرحلة التكامل الاقتصادي المستدام.
وعليه لابد من رسم مستقبل اقتصادي خليجي موحد، والسعي إلى تنويع مصادر الدخل بتأسيس شركات خليجية عملاقة في قطاع الصناعة، والتقنية والبتروكيماويات، والاستيراد الخارجي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، لكي نبقى قوة خليجية متينة ومؤثرة، ونأمل ألا تكون القمم القادمة أقل من هذه الآمال، والطموحات الكبيرة، فالعالم اليوم يقوى توحده، وتعاونه وتقاربه ونحن كخليجيين أقرب البيئات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للاتحاد.