جاسر عبدالعزيز الجاسر
اختتمت قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية السابعة والثلاثون أعمالها، ورغم أن أهم مطلب كان أهل الخليج العربية يأملون بأن تشهد قمة البحرين إطلاق وإعلان الاتحاد الخليجي الذي تأجل مرة أخرى بعد تحفظ سلطنة عمان على تحقيقه رغم رغبة الدول الخمسة الأخرى بتحقيقه، خاصة بعد اقتراب نيران الحروب التي أشعلها نظام ملالي إيران في المنطقة من خلال تعامله ودعمه لتحالف الإرهاب والطائفية، ولهذا فإن واجب دول مجلس التعاون تحصين دولها والحفاظ على مكتسباتها التنموية وهو ما يفرض توحيد الجهود خاصة في المجالات الأمنية والدفاعية وتنسيق المواقف السياسية، إضافة إلى تعزيز المسيرة الاقتصادية بإضافة محطات جديدة لمسيرة التعاون الاقتصادي والتجاري، ولقد حاول قادة دول الخليج تجاوز تردد سلطنة عمان بالمضي قدماً لتأسيس قاعدة صلبة تسمح بتحقيق الاتحاد فور تخلي السلطنة عن تحفظاتها، أو حتى عقد الاتحاد بدونها، وقد تمثلت خطوات القادة في تهيئة الانتقال إلى الاتحاد والاستعداد لإنجاز هذه الخطوة التي يطالب بها أبناء الخليج العربي في تعزيز التعاون والتنسيق الأمني الذي يمكن القول بأنه حقق اتحاداً أمنياً كاملاً خاصة بين الدول الخمس إذ أصبح تبادل المعلومات الأمنية وإجراءات التمارين المشتركة وتنسيق العمل في التصدي للجماعات الإرهابية والطائفية، كما عززوا تكامل وتقوية المنظومة الدفاعية من تعزيز القوة العسكرية وتحصين القدرة القتالية لجيوش الدول الأعضاء وربطها في مركز قيادة مشتركة وتحسين قدرات الدفاع الجوي خاصة بعد توسع النظام الإيراني في إنتاج وتطوير الصواريخ البالستية وكل هذا يعكس اهتمام قادة دول الخليج العربي على تقوية وتعزيز القدرات الدفاعية والاعتماد على التقنيات المتقدمة والتي تتفوق بها دول الخليج العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على ما هو موجود في الدول الأخرى التي تشكل تهديداً مباشراً على أمن واستقرار دول الخليج العربية.
في الجانب الاقتصادي أضاف قادة دول الخليج العربي العديد من الإضافات خاصة تلك التي تسرع العمل بالاتحاد الجمركي وإنجاز العمل بالسوق الخليجية المشتركة واكتمال خطوات العمل لإطلاق العملة الخليجية المشتركة بتعزيز المركز المالي النقدي الخليجي، والموافقة على إقامة المجلس الاقتصادي التنموي الخليجي الذي قدمت فكرته المملكة العربية السعودية، وقد ثمن متابعو القمة السابعة والثلاثين القرارات الاقتصادية للقمة التي ستزيد من رابطة أبناء الخليج العربي من خلال تعظيم المصالح المشتركة بين أهالي الخليج العربي مما يجعل عملية الاتحاد وربط دول الخليج العربي ببعضها البعض تحصيل حاصل ونهاية محتومة للاتحاد الخليجي.
وعلى صعيد تقوية العلاقات الاستراتيجية مع الدول الكبرى تميزت القمة السابعة والثلاثون بحدث هام ويمثل إضافة نوعية متقدمة باستضافة رئيس الحكومة البريطانية وعقد مباحثات مكثفة معها والوفد المرافق التي حتماً بحثت تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية والدفاعية وهو ما سينعكس إيجابياً على أمن دول مجلس التعاون بمشاركة قوة عالمية كبرى لها خبرة ووجود كبير في الخليج العربية ويمثل تشاركها استراتيجياً مع دول الخليج العربي إضافة مهمة جداً تقوي مواقف دول الخليج العربي في مواجهة التدخلات العدوانية لنظام ملالي إيران، إضافة إلى ما يستحقق من تقوية للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون.
عموماً محصلة قمة البحرين ورغم عدم إنجاز المطلب الخليجي الشعبي بتحقيق الاتحاد، إلا أن ما أضافه القادة من تعزيز للجوانب الأمنية والدفاعية والاقتصادية سيحقق الخير والفائدة لأهل الخليج ويدفع دول مجلس التعاون إلى الاتحاد في غضون أعوام قليلة.