زكية إبراهيم الحجي
تشهد بلادنا في الوقت الراهن حراكاً اجتماعياً جاداً وسريعاً في مختلف الميادين.. وتوجهاً قوياً لبناء اقتصاد أكثر تنوعاً وأكثر استخداماً للمعرفة ومخرجاتها لتتجاوز بذلك مرحلة الاقتصاد المعتمد على الموارد الطبيعية وأهمها النفط.. وبالتالي تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وقد ترتب على هذا التوجه وتلك التحولات تطورات إيجابية على كافة المستويات أهمها التحول إلى مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم على المعرفة.
ولأن الاستثمار المركز على المعرفة يعتبر أحد سمات الاقتصاد التنافسي الجديد القائم على المعرفة.. حيث إنه يقوم على الريادة في البحث العلمي والمعرفي الذي يحركه الإبداع والابتكار كان لمعقل تدفق النفط في بلادنا عام 1938م موعد آخر لمولد ثروة جديدة موازية لثروة النفط إن لم تتفوق عليه.. إنه الصرح المعرفي والثقافي الفريد مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء».
إثراء مفردة جميلة تبعث التفاؤل في النفس.. تثير الحماس وتوقد شعلة الهمم.. تحرك العقول وتفتح الأعين على حقائق لطالما كانت غائبة عن الأعين وذلك لما تتضمنه من معنى يدور في فلك الكنز والثروة بشقيها المادي والمعرفي.. إثراء حلم تحقق على أرض الواقع فهنيئاً لنا بذلك وهنيئاً لكل من سيحظى بارتياده من مختلف دول العالم للتفاعل والاستفادة والإفادة.
إثراء مشروع حاضنة من الحاضنات التكنولوجية القائمة على بناء الاقتصاد بناء معرفياً وإعادة هيكلة ثقافة المجتمع وتحويله من مجتمع ريعي يعتمد على عوائد النفط إلى ثقافة اقتصاد المعرفة.. وذلك يتم من خلال برامج الابتكار والإبداع وتطويرها تقنياً وتحويلها إلى سلع وخدمات تسهم في إثراء الاقتصاد الوطني معتمدة في ذلك على استثمار رأس المال البشري وبناءً على ذلك يتضاءل حجم الفجوة المعرفية والتنموية بيننا وبين الدول الصناعية الكبرى كاليابان والصين وغيرها من الدول التي لها باع طويل في مجالات التنافس حول الاقتصاد المعرفي.
لقد باتت المعرفة عاملاً رئيسياً للنمو الاقتصادي ومنتجاً يمكن بيعه وشراؤه وهي بذلك لا تنضوي تحت لواء تلك المنتجات التي تنقص أو تفنى بالاستخدام بل إنها تتعاظم وتتطور وتتضاعف قيمتها.. المعرفة نتاج العقول البشرية المبدعة يمكننا استنساخها لتتحول بالتالي إلى منتج معرفي آخر.. وتوظيف المعرفة في بناء اقتصاد الوطن يحتاج إلى التكامل بين جهود الدولة والمجتمع لإحداث النقلة النوعية في بنية الاقتصاد والانتقال من اقتصاد تقليدي يعتمد على ثروة قابلة للنضوب يوماً ما إلى بنية تنموية جديدة تنطلق من اقتصاديات المعرفة وتسهم في بناء مجتمع المعرفة.